التفاسير

< >
عرض

فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
١٥
-الشورى

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَلِذَلِكَ } اللام للتعليل متعلقة بـ { فَادْعُ } والاشارة الى التفرق أي { فَادْعُ } الناس لأجل ذلك التفرق المهلك الا الاتفاق على الملة الحنفية المشروعة فحذف الغاية أو المفعول للعلم بهما وحذف المفعول للتعميم أو اللام بمعنى الى والاشارة الى الحنفية والفاء تفيد التعليل والفاء الثانية زائدة أو رابط لجواب اما محذوفة { وَاسْتَقِمْ } على ذلك المشروع وغيره مما شرع لك أو على الدعوة اليه وهو مستقيم والمراد اما زيادة الاستقامة فانها لا تتناهى أو الدوام على الاستقامة { كَمَآ أُمِرْتَ } أي كما أمرك الله وكان قوله (استقم كما أمرت) شديد على النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شيبتني هود واخواتها" فقيل له لم؟ فقال "لان فيها { فاستقم كما أمرت } " وأمره بالاستقامة أمر لنا بالمعنى الحقيقي أى حقيقة الاستقامة الأمر جودة في الدوام عليها والزيادة فيها وايجادها من أول مرة منا أو المراد أمرنا بها { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُم } الباطلة أي هو وترك التوحيد والضمير لقريش وقيل لأهل الكتاب وقيل للكفار مطلقاً.
{ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اللهُ مِن كِتَابٍ } أي بالكتب كلها لا ببعضها فقط كالكفار المتفرقين عن الصواب* { وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } في الحكم اذا تحاكمتم اليّ أو في تبليغ الشريعة وقال ابن عباس: ان لا أفرض عليكم سوى ما فرض الله وقيل كل ذلك { وقل آمنت } اشارة الى كمال القوة النظرية وقيل هو أمر يعم سائر أمته وقوله { وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } اشارة الى كمال القوة العملية والعدل في الحكم يعم سائر أمتي واللام بمعنى الباء أي بالعدل وقيل زائدة والباء مقدرة وهذا ضعيف لانه لم يعهد حذف (ان) بعد الباء وقيل للتعليل أي أمرت بما أمرت به من الشريعة لأعدل بينكم.
{ اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } أي خالق الكل ومتولي أمره واحد يجازي كلا منا على عمله قيل ما في ذلك هنا يفهم ترك القتال منسوخ قلت يحتمل انه لا (يفهم) له فى ذلك فلا نسخ فان كلاً يجازى بعمله ولو أمر بالقتال* { لاَ حُجَّةَ } أي لا محاجة أي لا خصومة وجدال* { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ } لظهور الحق ولم يبق الا العناد فلا وجه لايراد الحجج بيننا وبينكم وزعم بعض ان هذا منسوخ بآية السيف لافهامه ترك الاحتجاج والاكتفاء بالتبليغ دون السيف قلت لم يرد ذلك بل أراد مجرد الخلق الرافع للنزع فلا نزع سواء أمر بالقتال أو لم يؤمر بل يحتمل ان المراد لم يبق لذكر الحجج وجه لعدم قبولهم لها مع وضوحها بل بينكم وبينهم المسايفة* { اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا } يوم القيامة لفصل القضاء بيننا* { وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } المرجع يجمعنا وينتقم منكم لنا والجمع والصيرورة واقعان أمر بالقتال أو لم يؤمر فلا وجه للادعاء انهم يفهمان ترك القتال وان هذا الذي أفهماه منسوخ وبالجملة فالآية غير منسوخة كذا ظهر لى ثم رأيت الزمخشري نص عليه والله أعلم بسروري اذ ذاك والضمير في { بَيْنَنا } الآخر للنبي ومن معه والمشركين فلا تكرر بين الارادة المشاكلة لقوله (ربنا وربكم وأعمالنا وأعمالكم) ولم فعل ذلك في الآخرة تركا للتكرار كذا ظهر لى وربي أعلم.