التفاسير

< >
عرض

وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ
٢٧
-الدخان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَنَعْمَةٍ } النعمة بفتح النون التنعم والتلذذ وبالكسر ما يتنعم به قال بعضهم هو أعم وقد تكون الامراض والمصائب نعماً ويقال فيها نعمة بالفتح الا عند الأولياء المتلذذين بها*
{ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } وقرأ غير الجمهور (فكهين) بغير ألف وعليه ابن عامر وحفص وأبو جعفر والمعنى مطلقاً (فرحين متنعمين) وزعم بعض ان (فاكهين) بالألف اشرون بطرون وفاكهين خبرا لكون وفيها متعلق به أو بالكون وهما خبراً للكون وكم مفعول تركوا من جنات نعت لكم ولو فصل.
وذكر الطرطوشي وهو من علماء طرطوشة من أمصار الأندلس ردها الله للاسلام في سراج الملوك انه قال أبو عبد الله بن حمدون كنت مع المتوكل لما خرج الى دمشق فركب يوماً الى رصافة هشام بن عبدالملك فنظر الى قصورها ثم خرج فنظر الى دير هنالك قديم حسن البناء بين مزارع وأشجار فدخله فبينما هو يطوف به اذا بورقة قد التصقت في صدره فأمر بقلعها فاذا فيها مكتوب:

يا منزلاً بالدير أصبح خالياً تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم تسكنك بيض أوانس ولم تتبختر في قبابك حور
وأبناء أملاك غواشم سادة صغيرهم عند الانام كبير
اذا لبسوا أدراعهم فعوابس وان لبسوا تيجانهم فبدور
على انهم يوم اللقاء ضراغم وانهم يوم النزول بحور
ليالي هشام بالرصافة قاطن وفيك ابنه يا دير وهو أمير
اذا العيش غض والخلافة لذة وأنت طريب والزمان غدير
وروضك مرتاد ونور مزهر وعيش بني مروان فيك نظير
سقاك اله العرش صوب سحائب عليك بها بعد الرواح بكور
تذكرت لحيك قومنا فبكيتهم بشجو ومثلي بالبكاء جدير
فعزيت نفسي وهي نفس اذا جرى لها ذكر قومي أنة وزفير
لعل زماناً جار يوم عليهم لهم بالذي تهوى النفوس يدور
فيفرح محزون وينعم بائس ويطلق من ضيق الوثاق أسير
رويدك ان الدهر يتبعه غد وان صروف الدائرات تدور

فلما قرأها المتوكل ارتاع ثم دعا صاحب الدير فسأله عمن كتبها فقال لا علم لي وانصرف وفي هذا ردع لمن يغتر بزخرف هذا الدار

ألا انما الدنيا كأحلام نائم وما خير عيش لا يكون بدائم