التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ
٣٣
-محمد

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَالَكُمْ } بالكبائر كالشرك والنفاق والعجب والرياء والمن والأذى. قاله الحسن وكذا روي عن ابن عباس وزعموا عن الحسنات الاعمال تبطل بالصغائر وليس بصحيح نعم بالاصرار والاصرار كبيرة وقال عطاء المعنى لا تبطلوها بالشك والنفاق وقيل بترك طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أبطلها أهل الكتاب بتكذيبه وقال الكلبي: بالرياء والسمعة وكذا عن ابن عباس وكان رجل على عهده صلى الله عليه وسلم يصوم ويصلى وكان في لسانه شيء من نحو غيبة أو نميمة أو لمز أو غير ذلك فقال له يا فلان انك تبني وتهدم وقيل نزلت في بني أسد أسلموا وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم نحن آثرناك على كل شيء وجئناك بأنفسنا وأهلينا أي لا تبطلوها بالمن وقيل لا تبطلوها بطلب الأعواض من ربكم فان الخالص ما لم يطلب فيه عوض.
وعن أبى العاليه كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الايمان ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل حتى نزلت الآية فخافوا الكبائر على أعمالهم.
وقال حذيفة: فخافوا أن تحبط بالكبائر وعن قتادة؛ رحم الله عبداً لم يحبط عمله الصالح بعمله السيء وفي الآية وما تلوناه عليك دليل على ابطال الطاعات بالكبائر ودلائل ذلك أعظم من أن تحصى وأما قوله
{ { ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } فمعناه أن يلقى الله به غير مفسد له وكذا { { من يعمل مثقال ذرة شراً يره } معناه أن يأتي به الى الله غير تائب فكأنه قال { { من يعمل } من السعداء { { مثقال ذرة خيراً يره } } { { ومن يعمل } من أهل الشقاء { { مثقال ذرة شراً يره } لقوله قبل أن { { يصدر الناس أشتاتاً } وأما { { وان تك حسنة يضاعفها } فالمراد به السعيد والسعيد انما يموت تائباً والموت على الكبيرة نقض لما سبق من الطاعات ولا يخفي أنه تعالى عدل في ذلك ويدل لذلك أيضاً انه لا يجمع الكفر والمعاصي مع الايمان والطاعات في شخص لانه غير ممكن جمع أمرين وجود بين متخالفين غاية في شيء ولا يكون أحد مصدقاً منكراً في الله ورسوله ممتثلاً غير منته وليس التصديق مثلاً اسما للتصديق بهذا هذا وهكذا ويدل له أيضاً آيات الابطال في القرآن فان الاصل حملها على ظهرها وقوله صلى الله عليه وسلم "الزنى يحبط العمل كما يحبطه الشرك" وقوله "يجيء أقوام يوم القيامة لهم من الحسنات" الخ وقل عائشة (أبلغوا زيدا عنى أنه أبطل حجه وغزوه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) الخ في قضية شرائه جارية من سريته بثمانمائة درهم الى العطاء وبيعه اياها لها بستمائة نقداً الى غير ذلك من أحاديث وأخبار والتحقيق ان السعيد يثاب على حسناته كلها لانه لا يموت الا تائباً عما يفسدها فيرجع مفسداتها حسنات والشقي يعاقب بسيئاته كباراً وصغاراً لانه يموت غير تائب وقيل ينظر يوم يموت المكلف ما هو الاكثر أحسناته أم سيئاته فيجازى به وقيل كلما عمل حسنة محتها السيئة بعدها.
قال ابن محبوب ويرد له ثوابها ان تاب وفي الآية دليل على انه لا يجوز ابطال النوافل من الصلاة والنافلة بعد الدخول وقد رأى بعضهم ان قطع النافلة لشيء مشتهي من الشهوة الخفية ولولا وجوب النافلة للدخول فيها لما أمر صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة بقضاء يوم أصبحتا فيه صائمتين وأفطرتا ولما أمر عائشة ببدله حين أفطرت بعذر الجوع.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة قربي الحيس فلقد أصبحت صائماً فالفاء فيه للتعليل والصوم لغوي أي قربيه لاني قد أمسكت عن الطعام فجعت.
وأما ما يذكره البخاري من أنه أصبح صائماً فليس من الحديث بل فهم منه وأما ذكر من أن أبا الدرداء زاره سلمان فقرب اليه طعاماً فقال كل اني صايم فقال سلمان لا حتى تأكل فأكل معه فلعله قد بيت نية الافطار ان عرض له عارض أو لأن الافطار موافقة للمسلمين ليس ابطالاً للعمل لانه لا يكتب له أجر صومه وأجر الموافقة ولا سيما مسلم هو النبي وسور هو سوره ولذا قال لأم هانئ وان شئت فلا تقضيه حين دخل عليها بلبن فشرب فناولها فشربت وهي صائمة كراهة أن ترد سوره صلى الله عليه وسلم وقال من قال يجب قضاء نافلة أفسدت لغير عذر وقيل ولو لعذر وخص بعض الشهوة الخفية بالفرض وبعض بالمحرم