التفاسير

< >
عرض

يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ
١٥
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَا أَهلَ الكِتَابِ }: اليهود والنصارى، والمراد بالكتاب الجنس الصادق باثنين: التوراة والانجيل.
{ قَد جَآءَكُم رَسُولُنَا }: محمد صلى الله عليه وسلم.
{ يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخفُونَ مِنَ الكِتابِ }: من أحكام التوراة والانجيل موافقة لسلاطينكم، وجلباً للدنيا، واستبقاء للرياسة، وكصفة محمد صلى الله عليه وسلم، وآية الرجم فى التوراة، وبشارة عيسى بأحمد فى الانجيل وغير ذلك من كل ما يخفون لفظه أو حروفه بالمحو أو بالتبديل أو بالتفسير على غير المراد، وتبيين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخفوه معجزة، وجملة يبين حال من رسولنا، والكتاب التوراة والانجيل.
{ وَيَعفُوا عَن كَثِيرٍ }: علمه مما تخفونه بالوحى، ولم يظهر لكم من حيث أنه لا حاجة الى اظهاره، ولم تكن المصلحة فى افتضاحكم به، وقيل: يعفو بمعنى لا يؤاخذكم به، وهو أعم من القول قبله، لأن الافتضاح يكون مؤاخذة، ولو كان لا يقصدها صلى الله عليه وسلم انتقاما لنفسه، بل لله، ولأظهار الرسالة، وكونه رسولا، وقيل: يعفو عن كثير منكم لا يؤاخذوه به.
قال الحسن: وقيل: { وَيَعفُوا عَن كَثِيرٍ } بمعنى أحل لكم كثيراً مما حرم عليكم، وما فسرت به أولى ان شاء الله بمعنى أنه يظهر كثيراً مما أخفوه أو هو ما أظهره حياء للدين، وبياناً لشرائعه كصفته وشرائع الدين، ويخفى ما لا تعلق له بذلك.
{ قَد جَآءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }: النور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه يهتدى به كما يهتدى بالنور فى الظلام، وقيل: النور الاسلام، وهو معانى القرآن وسائر ما يوحى اليه صلى الله عليه وسلم، والكتاب المبين القرآن، سماه مبيناً لوضوح معانيه واعجازه من أبان اللازم، أو لأنه يبين الحق من الباطل، من أبان المتعدى، ويجوز أن يكون النور هو القرآن أيضاً، وصفه الله بأنه نور، وأنه كتاب مبين أى قرآن جامع بين كونه نوراً من الضلال، وكتاباً مبيناً للحق، أو واضح المعنى والاعجاز، وقيل: المراد بالنور موسى، وبالكتاب المبين التوراة، والصحيح غير هذا.