التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤٠
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَلَم تَعلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلكُ السَّماوَاتِ والأَرضِ }: مدبرهما وخالقهما مع ما فيهما، لا يعجزه الثواب والعقاب لمن يستحقهما، والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، ويدخل غيره بالتبع وحكم التبليغ، أو لكل من يصلح له على عموم البدل، وهذا الوجه يقويه قوله تعالى: { إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما } ، فانه صلى الله عليه وسلم لم يدرك والديه، الا أن يقال هذا لظهوره مصروف عنه، وغير مصروف اليه لأن خطابه فى الأحكام وغيرها هو الأصل.
{ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءَ }: تعذيبه لخذلانه على اختياره.
{ وَيَغفِرُ لِمَن يَشَآءَ }: الغفران له لتوفيقه، ومعنى قول ابن عباس: يعذب من يشاء على الصغيرة، ويغفر لمن يشاء الكبيرة، أنه يعذب من يشاء خذلانه على الصغيرة، لأن الشقى يعذب على الصغير كما يعذب على الكبيرة، ويغفر لمن يشاء الكبيرة على التوفيق للتوبة، ويدل لذلك أن الصغيرة معفو عنها لمن اجتنب الكبائر، فليس المراد مطلق التعذيب على الصغيرة، وحديث:
" هلك المصرون " واذا فهمت ذلك علمت أن الآية ليست على التفويض، بل على التقييد، وقيل: المراد بالتعذيب تعذيب الدنيا بالقتل على الكفر، وبالقطع وغير ذلك، وبالمغفرة مغفرة الآخرة، وقدم التعذيب لتقدمه فيما مضى، ولاتصاله بما اتصل بالقطع، أو لأنه القطع فى الدنيا.
{ واللهَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ }: فلا يعجز عن تعذيب من أراد تعذيبه، أو مغفرة من أراد مغفرته.