التفاسير

< >
عرض

فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
٥٢
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ }: شك فى نبوتك وفى دين الله، وهم عبد الله بن أبى، وأشباهه من الشاكين.
{ يُسَارِعُونَ فِيهِم }: أى فى موالاتهم، أى فى موالاة اليهود والنصارى، وهذه الموالاة شاملة لما مر من حبهم أخذ الأمان من اليهود والنصارى حين خافوا أن يدل على المسلمين، وشاملة لمخالطتهم لهم بأبدانهم وقلوبهم لثروتهم ويسارهم فلشمولهم يكون قوله:
{ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ }: بدل بعض من قوله: { يُسَارِعُونَ } لأن هذا القول من جملة المسارعة، أو حال من واو تسارعون، وان قلنا: المراد بالمسارعة أفهم ما مر من حب أخذ الأمان كان بدلا مطابقاً، والدائرة نائبة الدهر كالحرب الغالب، والجدب وعدم تمام أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِىَ بِالفَتْحِ }: لرسوله صلى الله عليه وسلم، واظهار المسلمين على أعدائه بغلبتهم على اليهود والمشركين، وذلك عام، وقيل: المراد فتح مكة، وقيل: فتح بلاد اليهود كخيبر وفدك، وقد أظهر الله دينه على الدين كله.
{ أَو أَمْرٍ مِنْ عِندِهِ }: سبب فيه لأحد يفعل مثل أن يهلكهم بطاعون أو صاعقة كلهم، أو أمر من عنده هو الاجلاء الى الشام أو الالقاء الى الرعب، أو هو اظهار أسرار المنافقين وقتلهم، وعسى من الله واجبة، ولا يوصف بالشك، فالمراد حمل المؤمنين على الطمع فى أن يفعل الله هذا وهذا، ولا يناقضه فعل الله للفتح والأمر معا.
{ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَر‍ُّوا فِى أَنفُسِهِمْ }: من اخبار اليهود بأسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظنهم اذ أمره صلى الله عليه وسلم لا يتم، وشكهم فى رسالته وصدقه،
{ نَادِمِينَ }: ولا سيما ما لم يسروه، بل أظهروه فانهم أشد ندماً عليه، وهم عبد الله بن أبى كما قرأ ابن الزبير، فيصبح الفساق على ما أسروا فى أنفسهم نادمين، وقيل: كان عبد الله بن أبى يظهر أنه يستبقى موالاة اليهود لنصرة النبى صلى الله عليه وسلم، وأن هذا هو الرأى وأبطن خلاف ذلك.