التفاسير

< >
عرض

قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
١٤٩
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ } يا محمد قد تبين أنه لا حجة لكم ولا علم { فَللَّهِ الحجةُ البالِغةُ } فالعطف على ما قدرت من قولى قد تبين، ويجوز العطف على { إن أنتم إلا تخرصون } وقدره بعض: قل أنتم لا حجة لكم فلله الحجة البالغة، ويجوز العطف على: { { هل عندكم من علم } لأنه لا علم لكم، وقيل: جواب لمحذوف، أى إن كان الأمر كما زعمتم من أن ما أنتم عليه بمشيئة الله فلله الحجة البالغة.
ومعنى الحجة البالغة الدليل البالغ غاية القوة، أو يبلغ به صاحبه دعواه من الحج بمعنى القصد، كأنها تقصد إثبات الحكم وتطلبه، قاله القاضى وهى بالرسل والكتب والعقل، وذلك أنهم ادعوا الإجبار بالقضاء من الله، وأنهم لا يطيقون الترك، أو أنه أباح لهم ما يدعون، والله سبحانه حجته قاطعة لذلك، لأنه خلق لهم قوة الجوارح والعقل، ومكنهم من إدراك الحق والعمل به، فلا إجبار والعقل يوجب أن الله جل وعلا لم يبح لهم ذلك، وأفعال الخلق كلها واقعة على وفق قضائه تعالى ومشيئته، فليس مغلوبا فى المعصية، لأنه لم يجبرهم على الطاعة وعلى المعصية فيعصى مغلوبا، وليس من الحكمة الإجبار لإبطاله حكمة التكليف، فلله الحجة عليهم لا لهم، فالتقديم للحصر لا حجة لهم عليه لا بالغة ولا غير بالغة، وهذا النعت للمدح لا للاحتراز والتقييد، لأن حجة الله عليها بالغة، وإن قلنا: الحجة البالغة لما نصبت له فهى له وحده، لأن لهم حجة لا تبلغ دعواهم، فيكون النعت للتقييد.
{ فلو شَاءَ } هدايتكم { لهدَاكُم } بالتوفيق { أجْمعينَ } لا بالإجبار إذ ليس من الحكمة، ولكن أراد خذلان قوم وتوفيق آخرين، ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها.