التفاسير

< >
عرض

ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢٤
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ انْظُر كيفَ كَذَبوا عَلى أنفُسِهِم } ينفى الشرك عنها إذا نفوا عن أنفسهم يوم القيامة وقوعه فى الدنيا، وقد وقع منهم فى الدنيا فليس معنى قوله: { ما كنا مشركين } إنا ما كنا مشركين عند أنفسنا لقول الله تعالى: { كذبوا على أنفسهم } ومن قال هذا أجاب عن قوله: { كذبوا على أنفسهم } بأن المعنى كذبوا فى الدنيا بقولهم إنهم على صواب، وأنه ما هم عليه ليس بشرك ونحو ذلك، وأنه ليس المعنى كذبوا فى قولهم: { { والله ربنا ما كنا مشركين } وكانوا فى الدنيا يعتقدون أن عبادة الأصنام تقرب إلى الله، وأنها ليست شركاً، وذلك جواب من يقول: إن الكفار لا يكذبون فى الآخرة، وهو قول الجبائى من المعتزلة، والباقلانى.
وقال الجمهور: إنهم يكذبون لظاهر الآية، والمراد هو ظاهرها، فإن ظاهرها أنهم كذبوا يوم القيامة إذ قالوا فيه: لم نشرك فى الدنيا، فالآية دلت على أن الكذب مخالفة الواقع ولو طابق الاعتقاد، أو سمى قولهم: ما كنا مشركين كذباً، لأنهم أشركوا ولو طابق اعتقادهم أنهم لم يشركوا، قال الله جل وعلا:
{ { يوم يبعثهم الله جميعاً } الآية، ويدل لقول الجمهور إنما بعد قوله: { انظر كيف كذبوا على أنفسهم } وما قبلها من قوله: { ويوم يحشرهم } فى أحوال الآخرة، فجملة هو على الدنيا تكلف، وإذا قالوا ذلك ختم على ألسنتهم ونطقت الجوارح.
{ وضلَّ عنْهُم } غاب وبعد عنهم { ما كانُوا يفْترُونَ } ما كانوا يفترونه من الأصنام، أى من شفاعتها أو ما كانوا يفترونه فى شأن الأصنام من الشفاعة، أو ما مصدرية، أى بطل عنهم افتراؤهم، والعطف على كذبوا، فالتعجيب بكيف مسلط عليه كأنه قيل: وانظر كيف ضل عنهم.