التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ
٤٦
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ أرأيتُم إن أخَذ اللهُ سَمْعكُم وأبْصاركُم وخَتَم على قلُوبِكم مَنْ إلهٌ غيرُ اللهِ يأتيكُم بهِ } الاستفهام للتوبيخ أو تعجيب، ومفعول أرأيتم جملة مَن إله غير الله يأتيكم به، أى أخبرونى من إله غير الله يأتيكم به، أو أعلمتم من إله غير الله يأتيكم به، لا تعلمونه لعدمه، والتعليق بالاستفهام فى الوجهين، والاستفهام فى مَن إله للإنكار أو المفعول الأول محذوف، أى أرأيتم وأبصاركم وجملة من إله غير الله مفعول ثان، والرابط هاء به لرجوعه إلى الأسماع وللأبصار بالتأويل كما يأتى، ومعنى أخذ السمع الإصْمام، وأخذ الأبصار الإعماء، والختم على القلوب منعها عن الفهم لما يفهم الناس، فيكونون كالمجانين أو البهائم.
ومن مبتدأ، وإله خبر أو بالعكس، وغير نعت إله ويأتيكم نعت ثان، وهاء به عائدة إلى حالهم سابق قبل الأخذ والختم، أى يأتيكم بما كنتم عليه من السمع والبصر والفهم، وهذا كما يشار إلى غير الواحد بإشارة الواحد بتأويل ما ذكر، أى يأتيكم بذلك، وضعف أن يكون الضمير لها أخذ ولما ختم، ولو قيل به على أن يكون الآخر ما لحقنا به.
{ انْظُر كَيف نصرِّف الآياتِ } دلائل التوحيد والنبوة النقليات والعقليات، ومعنى تصريفها تكريرها تارة من جهة المقدمة العقلية، أعنى ما يكون حجة فى العقل، وتارة من جهة الترغيب والترهيب، وتارة بالتنبيه والتذكير بما جرى على الأمم، وجملة نصرف مفعول لا نظر معلق هو عنها بكيف، وكيف حال من المستتر فى نصرف { ثم هُم يصْدِفُون } يعرضون عنها، وثم لبعد الإعراض بعد تصريف الآية، فإنهُ يبعد عقلا كما يبعد الجسم عن الجسم حساً.