التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ
٥٦
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ إنَّى نُهيتُ } قل يا محمد لهؤلاء المشركين إنى نهانى الله بنصب الأدلة كالسماوات والأرض، وبالقرائن وسائر الوحى { أن أعبْدَ الَّذين تدْعُون مِنْ دون اللهِ } الأصنام التى تعبدونها، وقيل: تطلبونها عند الشدة، وقيل: تسمونها آلهة، والأول أنسب بقوله: { أن أعبد } وهو على تقدير عن، أى نهيت عن أن أعبد، وإنما قال: { الذين } لأنهم ينزلون أصنامهم منزلة العقلاء، بل منزلة أعظم، إذ جعلوها آلهة وهم يعبدونها ويدعونها، ويجعلونها آلهة، ويزعمون أنها تقربهم إلى الله، كل ذلك على طرف من الهوى، وعلى التقليد ولا رسوخ لذلك فى صميم قلوبهم كما قال.
{ قُل لا أتبعُ أهْواءَكم } فى عبادة الأصنام، وطرد الفقراء المسلمين كيف أعبد الأصنام، وهى مخلوقة لا تدفع ضرّاً عن نفسها أو غيرها، ولا تجلب نفعاً، ونهانى ربى، كيف أطرد المسلمين المستحقين للتقريب والإعزاز لعلمهم وعملهم، وقد قيل: إن بعض المشركين قال: له استلم آلهتنا بيدك حتى نؤمن بإلهك، فأمر الله تعالى أن يقول: لأنى نهيت قطعاً لأطماعهم، وأكد ذلك القطع بقوله: { قل لا أتبع أهواءكم } أى كيف أتبع ما هو هواء، وأترك ما هو هدى، وما ذلك منكم إلا تقليد، والفاء لأدلة العقل وأدلة النقل الزاجرة عن عبادة الأصنام ودعاءها.
{ قَدْ ضللْتُ إذاً } أى خرجت عن الصواب خروجاً مترتباً على اتباع أهوائكم، أو إذا خرجت أو إذ خرجت. { وما أنا مِنَ المهتَدِين } لست منهم فى شئ ما من الهدى ولو أقل قليل إن اتبعت أهواءكم، وذلك تعريض بهم أنهم قد ضلوا وليسوا فى شئ من الهدى، وهذا أبلغ من أن يقال: وما أنا مهتد، لأن انتفاء مهتد تام يجوز معه بقاء اهتداء ما.