التفاسير

< >
عرض

وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٨١
-الأنعام

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وكَيفَ أخافُ ما أشْركْتُم } ما أشركتموه من الكواكب والأصنام بالله، مع أنها لا قدرة لها على مضرة أو إمساك خير عنى حتى إنى أعبدها لخوفى منها، هذا ما لا يكون من عاقل، ومن وقع منه هذا فهو أهل لأن يتعجب منه.
{ ولا تَخافُون أنكُم أشْركْتُكم باللهِ ما لم يُنزِّل بهِ } أى ما لم ينزل الله به أى بعبادته أو بإشراكه { عَليْكم سُلطاناً } حجة من السماء ككتاب أو ملك، أو ما لم ينصب عليه دليلا ولا شئ مما يعبد من دون الله، نزلت به حجة، فليس قوله: { ما لم ينزل به عليكم سلطاناً } قيداً واحترازاً، بل بيان لحقيقة الأمر، وهى أنه لا شئ مما يعبد من دون الله تعالى به حجة، والجملة داخلية فى التعجب، والإنكار بكيف، أى كيف أخاف ما لا تلحقنى منه مضرة وهو معبوداتكم، ولا تخافون أنتم ما يلحقكم به ما لا يوصف من العذاب، وهو إشراككم بالله تعالى، وذلك أنهم أخافوه عليه السلام فى موضع الأمن وهو التوحيد، فإنه لا مضر تلحق بالتوحيد، وآمنوا فى موضع الخوف وهو الإشراك بالله الذى هو أعظم الذنوب، والواو عاطفة على أخاف كما علمت من قولى إن الجملة داخلة فى التعجب والإنكار، أو واو الحال.
{ فأىُّ الفَرِيقَينِ } الفريق الموحدين، والفريق المشركين، ولم يقل ولا تخافون من أشركتم به ما لم ينزل الآية، لئلا يكون قابل الأصنام والكواكب بخالقها { أحقُّ } أى حقيق، فاسم التفضيل ليس على بابه، إذ لا تثبت لهما الحقيقة ويتفاضلان فيها، بل هى لأحدهما فقط، إلا أن تنزل لهم فى ثبوت الحقيقة من وجه ما على زعمهم فى الشرك، ولم يقل: أينا أنا أم أنتم احترازاً من تزكية النفس التى يتوهمونها، لأنه إذا توهموها منه لنفس أبعدهم ذلك عن الإيمان، وليس كقوله: { وإنا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين } بأنهما ذكر الخبر فقط لصيغة اسم التفضيل، وفى نسب ذكر الشر أيضا وذكر الجماعة وهى أقرب فى التزكية الإنسان نفسه.
{ بالأمْنِ } من عاقبة السوء المؤمن أحق بالأمن، بمعنى أنه إن ختم له بخير كان أمناً بخلاف المشرك فلا آمن له حتى يتقدم إسلام من الشرك { إنْ كُنتم تعْلمُون } ما يحق أن يخاف منه، أو إن كنتم تعلمون أيهما أحق بالأمن، وعلى كل حال جواب إن محذوف دل عليه: { أى الفريقين أحق بالأمن } أى إن كنتم تعلمون فأخبرونى أيهما أحق به، قال أبو حيان: هذا الاستفهام تعجب وإنكار.