التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ
١٨
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قال اخْرجْ مِنها مَذْءوماً } أى مذموما أو مطرودا أو مخزيا من ذامه بهمزة مفتوحة فى الماضى والمضارع أى ذمه وطرده وخزاه، وقيل مذءوماً معيبا ومنه المثل: "لن تعدم الحسناء ذأماً" أى عيبا، وقيل: الذأم أشد العيب، وقرأ الزهرى وأبو جعفر والأعمش مذوم بضم الدال وحذف الهمزة بعد نقل ضمها للذال، وذلك تخفيف أو من ذام يذام بقلب الهمزة ألفا، أو من ذامه بالألف يذيمه بالياء كباع يبيع فهو مذموم كما يقال فى مكيل من الكيل مكول، وكان القياس على هذا مذيم كمبيع ومكيل، والمعنى كله واحد ذم أو عيب، وقيل: إنما قرأ هؤلاء بتسهيل الهمزة لا همزة محضة ولا واو محضة.
{ مدْحُوراً } قيل: مطرودا مبعدا، وقال ابن عباس: مصغراً ممقوتاً، وقال قتادة: ملعوناً ممقوتاً، وقال الكلبى: ملوما مبعداً من الجنة وكل خير.
{ لمَنْ تَبعكَ مِنْهم } اللام للابتداء والتوطئة للقسم، ومن موصولة مبتدأ خبره محذوف، أى أعذبه بالرفع، أو شرطية جوابها محذوف، أى أعذبه بالرفع أو الجزم، ولما حذف الخبر أو الجواب ناب عنه قوله:
{ لأملأنَّ جَهنَّم مِنكُم أجْمعينَ } مع قسمه المحذوف، أى والله لأملأنَّ، ويجوز أن يكون القسم وجوابه خبرا للمبتدأ، أو ليقدر الخبر قولا، أى مقول فيه والله لأملأنَّ الخ، وأما أن يكونا جوابا فلا، لعدم الفاء، إلا إن بنيا على ما قد ورد من حذفها فى كلام العرب، والأصل لأملأنَّ جهنم منهم ومنك، فغلب الخطاب فقيل: منكم، ويجوز تقدير محذوف أى لمن تبعك منهم ومن ذريتك، أو منهم ومن الجن تقول املأ البلد بهذا مشيرا إلى شىء تريده فيمتلىء به، أو إلى مقدار يمتلىء به وحده فافهم.
وقرأ عاصم قيل والأعمش بكسر لام لمن متعلق باخرج تعليلا له، أو بمحذوف خبر ومجموع القسم وجوابه مبتدأ نظرا إلى أن المعنى الوعيد الذى هو الإملاء لمن تبعك، أو بمحذوف خبر لمحذوف دل عليه جواب القسم، وأما أن يجعل جواب القسم وحده مبتدأ فلا، لأن جواب القسم لا محالة، والمبتدأ محله الرفع.