التفاسير

< >
عرض

وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ
٢١
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وقَاسَمهما } أى أشهدهما قسمة، أى أقسم بحضرتهما، فالمفاعلة ليست على بابها فإنه حلف وحده دونهما، وقد قرئ: وأقسم لهما، وإنما جىء بزنة المفاعلة تأكيداً لقسمه، لأنه اجتهد فيها اجتهاد المقاسم، ويجوز أن تكون على بابها، بل نزل إصغاءهما لقسمه وقبولهما له منزلة قسم منهما، أو قالا له: أتقسم بالله إنك لمن الناصحين؟ فقال: أقسم بالله إنى لكما لمن الناصحين، فجعل ذلك مقاسمة، وقيل: أقسما له بالقبول، وقرىء وقاسمهما بالله.
{ إنِّى لكُما لمنَ النَّاصِحينَ } اللام لام التقوية، ومقواها الناصحين بعدها، على أن إلى فيه ليست موصولة، بل حرف لتعريف الجنس كما ذكره مكى وغيره، لأنها لو أبقيت على أنها موصولة، وجعل مقواها ذلك لزم تقديم معمول الموصول على الصلة، وهو لا يجوز خلافا للكوفيين مطلقا، ولابن الحاجب فى صلة أل زاد كان المعمول كما هنا، وعلى مذهبه ومذهب الكوفيين يجوز أن يكون مقواها ما بعد أل، ومذهب ابن الحاجب واضح، لكونها بصورة حرف لا صدر له، ولكثرة ورود ما ظاهره أنه لا صدر لها بالنظر إلى معمول صلتها المجرور، ومثله الظرف، وقيل: مقواها مقدر قبلها، أى ناصح لكما من الناصحين، فيكون { من الناصحين } خبراً ثانيا لما حذف الأول نقلت إليه لام التأكيد لئلا يلتقى لامان، وبهذا أقول لسلامته من ادعاء خروج أل عن الموصولية مع أنها فى وصف صريح، ومن خروج الموصول عن تقدمه على معمول صلته، ولأنه أبلغ فإنه أفاد أنه ناصح لهما خصوصا، وأنه معدود فى جملة الناصحين على الإطلاق.