التفاسير

< >
عرض

قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ
٦٧
أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ
٦٨
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قالَ يا قَومِ لَيسَ بى } أى فىَّ { سفاهةٌ ولكنِّى رسُولٌ مِنْ ربِّ العالَمينَ أبلِّغكُم رسالاتِ ربِّى وأنَا لكم ناصِحٌ } فى ذلك كله ما مر فى قصة نوح كله، والمعنى والنكتة، وقراءة أبى عمرو، غير أن السفاهة بالتاء فى كلامه وكلامهم بخلاف الضلالة هنالك، ولكن عبَّر هود بناصح، ونوح بأنصح، لأن نوحا كان أكثر دعوة لقومه إلى الإسلام، فعبر بالمضارع الدال على التجدد، وقدم لكم هنا للحصر لأنه أرسل إلى قومه خاصة وهم عاد، وأما غيرهم فلم يرسل إليهم فضلا عن أن يتصف بالنصح لهم، ولو عاملهم أو قاولهم لنصحهم، فإن كان ناصح من نصحته فاللام للتقوية للضعف الحاصل بالتقدم وبتلو خفية، وإن كان من نصحت له فهى كالتى بعد الفعل وهو أنسب لقصة نوح إذ قال: { { وأنصح لكم } وكلتاهما تفيد التأكيد، لكنها فى الوجه الثانى أشد توكيدا وعليه قصة نوح.
{ أمينٌ } على الوحى لا أزيد ولا أنقص، أو أمين من الكذب والغش مطلقا أو أراد أمين فى ذلك كله، فإن كانوا قد اعتبروا فيه ذلك المذكور من النصح والأمن فإنما ذكر ذلك لهم تنبيها على ما عرفوه منه واعتقدوه ليعملوا لمقتضاه فيؤمنوا به، وإلا فإنما أخبرهم بذلك ليعرفوا حاله فيصدقوه، لجواز مدح الإنسان نفسه بما فيه لمن لا يعلمه لمصلحه، بل هو هنا واجب، لأنه تقرير للرسالة والنبوة، وانظر كيف تجيب الرسل قومهم بحلم وإغضاء، وبما هو أجاب لهم، وترك مقابلتهم بمثل ما قالوا من التسفيه والإضلال، وفى ذلك تأديب وتعليم لنا، كيف تخاطب السفهاء، ولا سيما غيرهم وإلا كنا منفرين لهم عن الإسلام والحق، ومبعدين لهم ومميتين للدين، اللهم أصلحنا واعف عنا، قد يكون التغليظ أليق فى موضع.