التفاسير

< >
عرض

فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩١
ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ
٩٢
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فأخَذَتهُم الرَّجْفة } الصيحة العظيمة عند قتادة، وزلزلة الأرض عند الكلبى، روى أن جبريل صاح بهم فهلكوا، وفى الحجر: { { فأخذتهم الصيحة } قيل: ولعلها كانت من مبادىء الزلزلة، أو الزلزلة رجفة لأنها تقضى إلى الرجفة التى هى الصيحة، وهم أهل مدين، وأما أصحاب الأيكة فقد أرسل إليهم أيضا فكذبوه، فأهلكتهم الظلة كما يأتى فى الشعراء إن شاء الله، التهبت عليهم من فوقهم، والأرض من تحتهم كالمقلاة، فهم كالجراد المقلى، وصاروا رماداً.
روى أن الله فتح عليهم بابا من أبواب جهنم، وأقول: المراد بأهل مدين وأصحاب الأيكة وأحد أخذتهم الظلة من فوقهم، وزلزلت الأرض من تحتهم، وزلزلتها هى الرجفة، أو أخذتهم الظلة وفيها صيحة سماها رجفة، وذكر الطبرى وابن إسحاق كما فى عرائس القرآن: أن رجلا من أهل مدين يقال له عمرو بن جلهاء، لما رأى العذاب فى الظلة قال:

يا قوم إن شعيبا مرسل فذروا عنكم سميراً وعمران بن شداد
إنى أرى غيمة يا قوم قد طلعت تدعو بصوت على صمانة الوادى
وإنه لن تروا فيها ضحاه غد إلا الرقيم يمشى بين أنجاد

وسمير وعمران كاهنان، والرقيم كلب مصغر، قال أبو عبد الله البجلى: أسماء ملوك مدين: أبجد، وهوز، وحطى، وكلمن، وصعفص، وقرشت، وروى سعفص، واسم ملكهم وقت الظلة كلمن رثته أخته بقولها:

كلمن قد هدَّ ركنى هلكه وسط المحلــه
سيد القوم أتاه الحتف نار وسط ظلــه
جعلت نار عليهــم دارهــم كالمضمحــلـــة

{ فأصْبحُوا فى دَارِهم } صاروا أو المراد الإصباح فى اليوم التالى لهلاكهم { جاثمِين * الَّذينَ } مبتدأ { كذَّبوا شُعيبا كأنْ لَم يغْنَوا فِيها } خيره أى كأن لم يقيموا فيها فى رغد عيش، والمعنى بغين معجمة المنزل المقترن بتنعم فيستغنى به عن غيره، وقيل: المنزل مطلقا.
{ الَّذينَ كذَّبوا شُعيبا كانُوا هُم الخَاسِرينَ } الخسران العظيم دينا ودُنيا، إلا الذين صدقوا، به فإنهم الرابحون دينا ودنيا، وبلغ فى رد مقالة الملأ وتسفيه رأيهم واستهزائهم بتكرير الموصول والاستئناف بجملتين اسميتين، وأنا ما جعل المسند إليه موصولا لبنيه بصلته على سبب خسرانهم، أو على أن الخبر المبنى عليه مبنى عن الخيبة والخسران، وتعظيم لشأن شعيب.