التفاسير

< >
عرض

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
٥٧
-الأنفال

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فإمَّا } إن الشرطية وما الزائدة بإدغام النون فى الميم، ولذلك ساغ التأكيد فى قوله: { تثْقِفنَّهم } تأسرهم وتحصلهم فى ثقافك، وهو ما يشد به الأسير أو غيره، وقيل: تخطفنهم، وقيل: تجدنهم وتظفرن بهم { فى الحرْبِ فَشرِّدْ } فرق عن محاربتك ونكل عنها وتفرد { بِهِم } بقتلهم والنكاية فيهم { مَنْ } بفتح الميم مفعول شرد { خَلْفهم } بفتح الفاء، أى الذين وراءهم من الكفرة، فإنه إذا فعل لهؤلاء الناقضين ما يسوء من القتل وغيره، ففرق عنه جمع كل ناقضة للعهد، وكل عدو من ورائهم من أهل مكة واليمن وخافوا، أو المراد لمن خلفهم من يأتى خلفهم فى مثل طريقتهم من مكة أو اليمن أو غيرهما فى زمانهم، أو بعده، وهذا أولى.
قيل: التشريد التفريق على إزعاج، وفسر ابن جبير التشريد بالإنذار، وعن أبى عبيدة سمع بهم، وذلك أنه إذا قتلهم وانتقم منهم كان ذلك إنذارا أو ابلاغا لمثلهم أن يفعلوا مثل فعلهم، وإلا فليس فى اللغة شرد بمعنى أنذر أو سمع، والذى فيها شرد به بمعنى سمع الناس بعيوبه، وفى مصحف ابن مسعود شرذ بذال معجمة، وبها قرأ الأعمش، قال أبو الفتح: لم يمر بنا فى اللغة شرذ باعجام الذال، وكأنها بدل من المهملة، قال المرادى: وذلك شاذ، وجزم به عن أبى الفتح، والمعنى الجامع لها أنهما مجهوران متقاربان، وقال جار الله ذلك على القلب المكانى الأصل شذر، يقال شذر القوم تفرقوا، وقرأ أبو حيوة من خلفهم بكسر ميم من والفاء، وحكاها المهدوى عن الأعمش، والمعنى واحد، فإنه إذا شرد الذين وراءهم فقد فعل التشريد فى الوراء.
{ لعلَّهُم يذَّكَّرونَ } يتعظون، والضمير للناقضين المأمور بتشريدهم، على أن التشريد بالأسر والسلب والإخراج من الأموال والديار ونحو ذلك، وإن كان بالقتل فالمراد يتعظ باقيهم ومن معهم، أو الضمير لمن خلفهم.