التفاسير

< >
عرض

يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ
١١٩
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا اتَّقوا اللهَ } فيما لا يرضاه { وكونُوا مَع الصَّادِقينَ } قولا وعملا ووعدا ونية وتوبة، كالنبى صلى الله عليه وسلم، والمهاجرين والأنصارى، والثلاثة المخلَّفين إذ صدقوا ولم يعتذروا بباطل، وصدقوا فى توبتهم، فإن الصدق يهدى إلى البر، والكذب [يهدى] إلى الفجور، قال ابن مسعود رضى الله عنه: لا يصلح الكذب فى جد ولا هزل، ولا أن يَعِدَ أحدكم صبيه ثم لا ينجزه، اقرءوا إن شئتم: { وكونوا مع الصادقين } فهل فيها من رخصة، وجاء بالصدق بعد قصة الثلاثة وأمر به تنبيها عليه، وإغراء به، إذ نفعهم وذهب بهم عن منازل المنافقين، كما يعترض فى أثناء الكلام بما يجب التنبيه عليه، وقد قيل: هم الثلاثة، أى كونوا معهم فى الصدق والثبات، فوضع الظاهر موضع الضمير مدحا لهم بالصدق.
وقال الكلبى: الخطاب لمن آمن من أهل الكتاب أن يكونوا مع المهاجرين والأنصار، وفى جملتهم وصدقهم، وقيل: لمن تخلف من الطلقاء عن تبوك، وقيل: كونوا مع المهاجرين فى الهجرة فهاجروا مثلهم، ويلزم على هذا أن تكون الآية قبل الفتح وهو ضعيف.
وفسر أبو بكر رضى الله عنه الصادقين بالمهاجرين، لما قالت الأنصار يوم السقيفة: منا أمير ومنكم أمير، قال: مَنِ الصادقون فى قوله تعالى:
{ { للفقراء المهاجرين } الآية، قالوا: أنتم، قال: فإنه يقول: { وكونوا مع الصادقين } فأمركم أن تكونوا معنا، ولم يأمرنا أن نكون معكم، نحن الأمراء وأنتم الوزراء، وفسر بعضهم مع بمن، قلت: يرده أن معنى الاسم المطابقى لا يكون كمعنى الحرف، بل يكفى فى ذلك أنه إذا كان الإنسان على ما كان عليه الآخر من حال صح أن يقال: إنه معه، وقرأ ابن مسعود، وابن عباس رضى الله عنهما: وكونوا من الصادقين.