التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢١
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولا ينْفِقُون نَفقةً صَغيرةً } ولو تمرة أو أقل { ولا كَبيرةً } كألف بعير، وسبعين فرسا وما فوقها أو أقل منها كمائتى بعير بأقتابها وأحلاسها، مع مائة أوقية، وقدم الصغيرة إيذانا بأن الصغيرة إذا كتبت فالكبيرة أحرى، وبأن الصغيرة غير ضائعة، وترغيبا فى النفقة، حتى إن أفقر الفقراء يمكنه الإنفاق على قدر إمكانه.
{ ولا يقْطَعون وادياً } بالسير وهو منفرج بين الجبلين، أو أكمتين يسيل فيه السيل، ويطلق على المسيل مطلقا، ويطلق على الأرض مطلقا، وهو المراد هنا، وهو شائع، ويجمع على أودية قال بعض: ليس فى كلام العرب فاعل وأفعلة إلا وادٍ وأودية، وهو فى الأصل اسم فاعل ودى أى سال { إلاَّ كُتبَ لَهم } ذلك المذكور من الإنفاق، وقطع الوادى، أو إلا كتب لهم العمل الصالح.
{ ليجْزِيهمُ اللهُ أحْسَن ما كانُوا يعْمَلون } ما مصدرية أو اسم، وأحسن واقع على الجزاء، ويقدر مضاف بعده، أى أحسن جزاء كونهم يعملون، أو أحسن جزاء ما كانوا يعملون، أو على العمل فيقدر مضاف قبله، أى جزاء أحسن كونهم يعملون، وجزاء أحسن ما يعملونه، فإن فى أعمالهم فرضا ومندوبا ومباحا، لا يعجزه ثواب العمل الأحسن، فكيف يعجزه ثواب سواه، ويأتى بحث ذلك إن شاء الله تعالى.
وهو مفعول مطلق أولى من كونه منصوبا على تقدير الباء، وقول الفخر يجزيهم جزاء أحسن من أعمالهم، تفسير معنى عندى، وإلا فهو يقتضى أن أحسن مضاف إلى ما ليس عاما له، وأفعل التفصيل لا يجوز فيه ذلك، لا تقول: فرسى أحسن البقر، يجر بمن على الصحيح، ولما وبخوا على التخلف، وأنزل الله سبحانه عيوب المتخلفين، قال المسلمون: والله ما نتخلف عن غزوة يغزوها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سرية يبعثها، فبعث، فبعث سريا ونفر المسلمون جميعا، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده بالمدينة فنزل.