التفاسير

< >
عرض

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٦
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أمْ } منقطعة بمعنى همزة الإنكار والتوبيخ، وبل التى للإضراب الانتقالى { حَسِبْتُم } ظننتم أيها المؤمنون، وكان بعضهم قد كره القتال { أنْ تُتْركُوا } غير ممتحنين بالقتال، فالحال محذوفة كما رأيت، أو هذا الحذف مفعول ثان للترك وقوله: { ولما يَعْلم اللهُ الَّذينَ جَاهدُوا مِنْكُم } مستأنف أو هو الحال، والمراد بنفى علم الله المجاهدين من المؤمنين نفى المجاهدين الموصوفين بما بعد هذا، تعبيرا باللازم عن الملزوم، فإن وجود المجاهدين ملزوم، ولازمه علم الله، فإذا وجدوا فالله عالم بهم، ولا بد أن تتركوا ساد مسد مفعولى حسب عند سيبويه، وقيل: مفعوله الثانى محذوف، أى أم حسبتم الترك محمد موجودا أو واقعا أو نحو ذلك، ولما لنفى ما يتوقع ثبوته.
{ ولَم يتَّخذُوا } عطف على جاهدوا { مِنْ } { دُونِ اللهِ ولا رسُولِه ولا المؤمنِينَ وليجَةً } دخيلة وبطانة من المشركين يلونهم، ويفشون إليهم الأسرار، قال به الفراء وهو الحق، وقال قتادة: الوليجة الخيانة، وقال الضحاك: الخديعة، وقال عطاء: أولياء: وقيل: الرجل فى القوم وليس منهم، وقال الراغب: ما يعتمد عليه، فالمراد نفى المجاهدين المخلصين من قوم مخصوصين.
وقال الزجاج: المراد نفى العلم الذى يجازى على معلومه، ويستفاد من كون منفى لما متوقعا أنه سيوجد المجاهدون المخلصون عن اتخاذ الوليجة فيمن لم يوجدوا فيه، أو سيكثرون، وقيل: معنى لما يعلم لما تميز أى لما تفعل ما يتميزون به { واللهُ خَبيرٌ بما تعْمَلونَ } من اتخاذ الوليجة وغيره، كوجود الإخلاص، وقرأ الحسن ويعقوب فى رواية رويس وسلام: يعلمون بالتحية، وعن بعضهم الآية فى المنافقين وهو واضح.