التفاسير

< >
عرض

لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
٤٨
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ لَقَدِ ابْتَغوُا } بكسر الواو وقرىء بضمها { الفِتْنةَ } ما يوهن الإسلام ويقوى الشرك، كتشتيت أمرك، وتفريق أصحابك وما يهلك أصحابك، وقد فسر بعضهم الفتنة بالشرك.
{ مِنْ قَبْلُ } أى قبل حالهم هذه، وهى حال غزو تبوك، وذلك أن عبد الله بن أبى انصرف يوم أحد ومن معه، كما تخلفوا عن تبوك بعد خروجهم إلى ذى حدة أسفل من ثنية الوداع، وعن ابن جريج: وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الثنية ليلة العقبة أيلة، وهم اثنا عشر رجلا ليفتكوا به، وهذا على أن الواو للمشركين، كما فسر بعضهم ابتغاء الفتنة بإجماعهم فى دار الندوة ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه، فمعنى من قبل أى من قبل الهجرة، وما كان قبل الهجرة فهو أيضا قبل غزوة تبوك.
{ وقَلَّبُوا لكَ الأمُور } بحثوا جهدهم فيما يهلكك أو يبطل دينك من مكيدة وحيلة، كمن يقلب شيئا ظهرا لبطن لشدة الفحص عن حاله، وعن الحسن: قلب المنافقون لك الأمور فى قتلك قبل أن تقدم المدينة، وقرأ مسلم ومحارب بتخفيف اللام.
{ حتَّى جاءَ الحق } النصر والظفر { وظَهَر أمْر اللهِ } علا دينه { وهُم كارِهُون } لظهوره، وإنما صح بعد ظهور أمره غاية لتقليب الأمور، ومجىء الحق، وهما قد مضيا لأن ذلك إخبار عن غاية ومعنى كلاهما مضى كأنه قيل: ما زالوا يقلبون لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله، ويجوز، والله أعلم، أن يكون ذلك تلويحا لأن تقليبهم الأمور كان سببا لظهور الأمر ومجىء الحق، فهم ساعون فى هلاك أنفسهم كما قال الشاعر:

وإن لم يكن عونا من الله للفتى فأول ما يجنى عليه اجتهاده