التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٤٨
-يونس

روح المعاني

بناءً على أن الظاهر أن المراد بالوعد الذي أشاروا إليه العذاب الدنيوي الموعود كما يرشد إله ما بعد. واستشكل ما يقتضيه ظاهر الآية من أن الله تعالى لم يهمل أمة من / الأمم قط بل بعث إلى كل واحدة منهم رسولاً بأن أهل الفترة ليس فيهم رسول كما يشهد له قوله سبحانه: { { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ ءَابَاؤُهُمْ } [يس: 6] وأجيب بأن عموم الآية لا يقتضي أن يكون الرسول حاضراً مع كل أمة منهم لأن تقدمه على بعض منهم لا يمنع من كونه رسولاً إلى ذلك البعض كما لا يمنع تقدم رسولنا صلى الله عليه وسلم من كونه مبعوثاً إلينا إلى آخر الأبد غاية ما في الباب أن ما وقع من تخليط القوم في زمن الفترة يكون مؤدياً إلى ضعف أثر دعوة الأنبياء عليهم السلام انتهى وهو كما ترى. وقد يقال: إن المراد من كل أمة كل جماعة أراد الله تعالى تكليفها حسبما سبق به علمه أو أراد سبحانه تنفيذ كلمته فيها أو نحو ذلك من المخصصات التي لا يلغو معها الحكم لا كل جماعة من الناس مطلقاً فلا إشكال أصلاً فتدبر.

ثم إن هذا القول من المكذبين استعجال لما وعدوا به وغرضهم منه على ما قيل استبعاد الموعود وأنه مما لا يكون وقد يراد بالاستفهام الاستبعاد ابتداءً إذ المقام يقتضيه ولا مانع عنه والقول بأن ذلك إنما يكون ابتداء بأين وأنى ونحوهما دون متى غير مسلم كيف وهو معنى مجازي والمجاز لا حجر فيه والخطاب لسيد المخاطبين عليه الصلاة والسلام والمؤمنين الذين يتلون عليهم الآيات المتضمنة لذلك، وجواب { إن } محذوف اعتماداً على ما تقدمه أي إن كنتم صادقين في أنه يأتينا فليأتنا عجلة، ولكونه صلى الله عليه وسلم هو الواسطة في إتيان ذلك ومنه نشأ الوعد دون المؤمنين أمر صلى الله عليه وسلم بالجواب بقوله سبحانه: { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّا وَلاَ نَفْعًا }.