التفاسير

< >
عرض

وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
١٢٠
-هود

روح المعاني

{ وَكُلاًّ } أي وكل نبأ فالتنوين للتعويض عن المضاف إليه المحذوف، ونصب ـ كل ـ على أنه مفعول به لقوله سبحانه: { نَقُصُّ عَلَيْكَ } أي نخبرك به، وقوله تعالى: / { مِنْ أَنْبَآء ٱلرُّسُلِ } صفة لذلك المحذوف لا ـ لكلا ـ لأنها لا توصف في الفصيح كما في «إيضاح المفصل»، و { مِنْ } تبعيضية، وقيل: بيانية، وقوله عز وجل: { مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } قيل: عطف بيان ـ لكلا ـ بناءاً على عدم اشتراط توافق البيان والمبين تعريفاً وتنكيراً، والمعنى هو ما نثبت الخ. وجوز إن يكون بدلاً منه بدل كل أو بعض، وفائدة ذلك التنبيه على أن المقصود من الاقتصاص زيادة يقينه صلى الله عليه وسلم وطمأنينة قلبه وثبات نفسه على أداء الرسالة واحتمال أذى الكفار، وجوز أيضاً أن يكون مفعول { نَقُصُّ } { وَكُلاًّ } حينئذ منصوب إما على المصدرية أي كل نوع من أنواع الاقتصاص نقص عليك الذي دنثبت به فؤادك من أنباء الرسل، وإما على الحالية من { ما } أو من الضمير المجرور في { بِهِ } على مذهب من يرى جواز تقديم حال المجرور بالحرف عليه، وهو حينئذ نكرة بمعنى جميعاً أي نقص عليك من أنباء الرسل الأشياء التي نثبت بها فؤادك جميعاً. واستظهر أبو حيان كون { كَلاَّ } مفعولاً له لنقص، و { مِنْ أَنْبَآء } في موضع الصفة له وهو مضاف في التقدير إلى نكرة، و { مَا } صلة كما هي في قوله تعالى: { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [الأعراف: 3] ولا يخفى ما فيه.

{ وَجَآءكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ } أي الأمر الثابت المطابق للواقع، والإشارة بهذه إلى السورة كما جاء ذلك من عدة طرق عن ابن عباس وأبـي موسى الأشعري وقتادة وابن جبير. وقيل: الإشارة إليها مع نظائرها وليس بذاك ككونها إشارة إلى دار الدنيا، وإن جاء في رواية عن الحسن، وقيل: إلى الأنباء المقتصة، وهو مما لا بأس به { وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } عطف على { ٱلْحَقّ } أي جاءك الجامع المتصف بكونه حقاً في نفسه وكونه موعظة وذكرى للمؤمنين، ولعل تحلية الوصف الأول باللام دون الأخيرين لما قيل: من أن الأول حال للشيء في نفسه والأخيران وصفان له بالقياس إلى غيره. وقال الشهاب: الظاهر أن يقال إنما عرف الأول لأن المراد منه ما يختص بالنبـي صلى الله عليه وسلم من إرشاده إلى الدعوة وتسليته بما هو معروف معهود عنده، وأما الموعظة والتذكير فأمر عام لم ينظر فيه لخصوصية، ففرق بين الوصفين للفرق بين الموصوفين، وفي التخصيص بهذه السورة ما يشهد له لأن مبناها على إرشاده صلى الله عليه وسلم على ما سمعت عن صاحب «الكشف»، وتقديم الظرف على الفاعل ليتمكن المؤخر عنه وروده أفضل تمكن ولأن في المؤخر نوع طول يخل تقديمه بتجاوب النظم الكريم.