التفاسير

< >
عرض

أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
٢
-هود

روح المعاني

{ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللَّهَ } في موضع العلة للفعلين السابقين على جعل { أن } مصدرية وتقدير اللام معها كأنه قيل: كتاب أحكمت آياته ثم فصلت لئلا تعبدوا إلا الله أي لتتركوا عبادة غيره عز وجل وتتمحضوا لعبادته سبحانه، فإن الأحكام والتفصيل مما يدعوهم إلى الإيمان والتوحيد وما يتفرع عليه من الطاعات قاطبة. وجوز أن تكون مفسرة لما في التفصيل من معنى القول دون حروفه كأنه قيل: فصل وقال: لا تعبدوا إلا الله أو أمر أن لا تعبدوا إلا الله، وقيل: إن هذا كلام منقطع عما قبله غير متصل به اتصالاً لفظياً بل هو ابتداء كلام قصد به الاغراء على التوحيد على لسانه صلى الله عليه وسلم و { أن } وما بعدها في حيز المفعول به لمقدر كأنه قيل: الزموا ترك عبادة غيره تعالى، واحتمال أن يكون ما قبل أيضاً مفعولاً به بتقدير قل أول الكلام خلاف الظاهر، ومثله احتمال كون { أن } والفعل في موقع المفعول المطلق، وقد صرح بعض المحققين أن ذلك مما لا يحسن أو لا يجوز فلا ينبغي أن يلتفت إليه.

{ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } ضمير الغائب المجرور لله تعالى و { مِنْ } لابتداء الغاية، والجار والمجرور في الأصل صفة النكرة فلما قدم عليها صار حالا كما هو المعروف في أمثاله أي إني لكم من جهته تعالى نذير أنذركم عذابه أن لم تتركوا ما أنتم عليه من عبادة غيره سبحانه وبشير / أبشركم ثوابه إن آمنتم وتمحضتم في عبادته عز وجل، وجوز كون { مِنْ } صلة النذير والضمير إما له تعالى أيضاً، والمعنى حينئذ على ما قال أبو البقاء نذير من أجل عذابه وإما للكتاب على معنى إني لكن نذير من مخالفته وبشير لمن آمن به.