التفاسير

< >
عرض

قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
٦٤
-يوسف

روح المعاني

{ قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ } استفهام إنكاري و { آَمَنُكُمْ } بالمد وفتح الميم ورفع النون مضارع من باب علم وأمنه وائتمنه بمعنى أي ما ائتمنكم عليه { إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ } أي إلا ائتماناً مثل ائتماني إياكم { على أَخِيهِ } يوسف { مِن قَبْلُ } وقد قلتم أيضاً في حقه ما قلتم ثم فعلتم به ما فعلتم فلا أثق بكم ولا بحفظكم وإنما أفوض أمري إلى الله تعالى { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَـٰفِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرحِمِينَ } فأرجو أن يرحمني بحفظه ولا يجمع عليَّ مصيبتين، وهذا كما ترى ميل منه عليه السلام إلى الإذن والإرسال لما رأى فيه من المصلحة، وفيه أيضاً من التوكل على الله تعالى ما لا يخفى، ولذا روي أن الله تعالى قال: وعزتي وجلالي لأردهما عليك إذ توكلت علي، ونصب { حَـٰفِظًا } على التمييز نحو لله دره فارساً، وجوز غير واحد أن يكون على الحالية. وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بجيد لما فيه من تقييد الخيرية بهذه الحالة. ورد بأنها حال لازمة مؤكدة لا مبينة ومثلها كثير مع أنه قول بالمفهوم وهو غير معتبر ولو اعتبر ورد على التمييز وفيه نظر، وقرأ أكثر السبعة { حفظاً } ونصبه على ما قال أبو البقاء على التمييز لا غير. وقرأ الأعمش { خير حافظ } على الإضافة وإفراد { حَافِظٌ } وقرأ أبو هريرة { خَيْرُ الحافظين } على الإضافة والجمع، ونقل ابن عطية عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ { فالله خيرحافظاً وهو خير الحافظين } قال أبو حيان: وينبغي أن تجعل جملة { وَهُوَ خَيْرُ } الخ تفسيراً للجملة التي قبلها لا أنها قرآن وقد مر تعليل ذلك.