التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
١٩
-إبراهيم

روح المعاني

{ أَلَمْ تَرَ } خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته الذين بعث إليهم، وقيل: خطاب لكل واحد من الكفرة لقوله تعالى: { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ } والرؤية رؤية القلب، وقوله تعالى: { أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } ساد مسد مفعوليها أي ألم تعلم أنه تعالى خلقهما { بِٱلْحَقّ } أي ملتبسة بالحكمة والوجه الصحيح الذي يحق/ أن يخلق عليه. وقرأ السلمي { أَلَمْ تَرَ } بسكون الراء ووجهه أنه أجرى الوصل مجرى الوقف، قال أبوحيان: وتوجيه آخر وهو أن { تَرَى } حذفت العرب ألفها في قولهم: قام القوم ولو تر ما زيد كما حذفت ياء لا أبالي وقالوا لا أبال فلما دخل الجازم تخيل أن الراء هي آخر الكلمة فسكنت للجازم كما قالوا في لا أبال لم أبل، تخيلوا اللام آخر الكلمة، والمشهور التوجيه الأول. وقرأ الأخوان { خالق السموات والأرض } بصيغة اسم الفاعل والإضافة وجر { الأرض }.

{ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ } يعدمكم أيها الناس كما قاله جماعة أو أيها الكفرة كما روي عن ابن عباس بالمرة { وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } أي يخلق بدلكم خلقاً مستأنفاً لا علاقة بينكم وبينهم، والجمهور على أنه من جنس الآدميين، وذهب آخرون إلى أنه أعم من أن يكون من ذلك الجنس أو من غيره، أورد سبحانه هذه الشرطية بعد أن ذكر خلقه السمٰوات والأرض إرشاداً إلى طريق الاستدلال فإن من قدر على خلق مثل هاتيك الأجرام العظيمة كان على إعدام المخاطبين وخلق آخرين بدلهم أقدر ولذلك قال سبحانه: { وَمَا ذٰلِكَ... }.