التفاسير

< >
عرض

قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ
٥٦
-الحجر

روح المعاني

{ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ } استفهام إنكاري أي لا يقنط { مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ } أي الكفرة المخطئون طريق معرفة الله تعالى فلا يعرفون سعة رحمته وكمال علمه وقدرته سبحانه وتعالى، وهذا كقول ولده يعقوب: { { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ } [يوسف: 87] ومراده عليه السلام نفي القنوط عن نفسه بأبلغ وجه أي ليس بـي قنوط من رحمته تعالى وإنما الذي أقول لبيان منافاة حالي لفيضان تلك النعمة الجليلة علي، وفي التعرض لعنوان الربوبية والرحمة ما لا يخفى من الجزالة. وقرأ ابن وثاب وطلحة والأعمش وأبو عمرو في رواية { ٱلْقَـٰنِطِينَ } والنحويان والأعمش { يَقْنَطُ } بكسر النون، وباقي السبعة بفتحها، وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما والأشهب بضمها، وهو شاذ وماضيه مثله في التثليث.

واستدل بالآية على تفسير الضالين بما سمعت لما سمعت من الآية على أن القنوط وهو ـ كما قال الراغب: ـ اليأس من الخير كفر، والمسألة خلافية، والشافعية على أن ذاك وكذا الأمن من المكر من الكبائر للحديث الموقوف على ابن مسعود أو المرفوع "من الكبائر الإشراك بالله تعالى واليأس من روح الله تعالى والأمن من مكر الله تعالى" وقال الكمال بن أبـي شريف: العطف على الإشراك بمعنى مطلق الكفر يقتضي المغايرة فإن أريد باليأس إنكار سعة الرحمة الذنوب وبالأمن اعتقاد أنه لا مكر فكل منهما كفر اتفاقاً لأنه رد للقرآن العظيم، وإن أريد استعظام الذنوب واستبعاد العفو عنها استبعاداً يدخل في حد اليأس وغلبة الرجاء المدخل له في حد الأمن فهو كبيرة اتفاقاً اهـ وقد تقدم الكلام في ذلك فتذكر.