التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً
٦٢
-الكهف

روح المعاني

{ فَلَمَّا جَاوَزَا } أي ما فيه المقصد من مجمع البحرين، صح أنهما انطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان الغد وارتفع النهار أحس موسى عليه السلام بالجوع فعند ذلك { قَالَ لِفَتَـٰهُ ءاتِنَا غَدَاءنَا } وهو الطعام الذي يؤكل أول النهار، والمراد به الحوت على ما ينبـىء عنه ظاهر الجواب وقيل سارا ليلتهما إلى الغد فقال ذلك. { لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } أي تعباً وإعياءً، و { هَـٰذَا } إشارة إلى سفرهم الذي هم ملتبسون به ولكن باعتبار بعض أجزائه، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لم يجد موسى شيئاً من النصب حتى جاوز المكان الذي أمر به" وذكر أنه يفهم من الفحوى، والتخصيص بالذكر أنه لم ينصب في سائر أسفاره والحكمة في حصول الجوع والتعب له حين جاوز أن يطلب الغداء فيذكر الحوت فيرجع إلى حيث يجتمع بمراده. وعن أبـي بكر غالب بن عطية والد أبـي عبد الحق المفسر قال: سمعت أبا الفضل الجوهري يقول في وعظه: مشى موسى إلى المناجاة فبقي أربعين يوماً لم يحتج إلى طعام؛ ولما مشى إلى بشر لحقه الجوع في بعض يوم. والجملة في محل التعليل للأمر بإيتاء الغداء إما باعتبار أن النصب إنما يعتري بسبب الضعف الناشىء عن الجوع، وإما باعتبار ما في أثناء التغدي من استراحة ما. وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير { نصباً } بضمتين، قال صاحب «اللوامح»: وهي إحدى اللغات الأربع في هذه الكلمة.