التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢١٨
-البقرة

روح المعاني

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } أخرج ابن أبـي حاتم والطبراني في «الكبير» من حديث جندب بن عبد الله أنها نزلت في السرية لما ظن بهم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر. { وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ } أي فارقوا أوطانهم، وأصله من الهجر ضد الوصل. { وَجَـٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } لإعلاء دينه وإنما كرر الموصول مع أن المراد بهما واحد لتفخيم شأن الهجرة والجهاد فكأنهما وإن كانا مشروطين بالإيمان في الواقع مستقلان في تحقق الرجاء، وقدم الهجرة على الجهاد لتقدمها عليه في الوقوع تقدم الإيمان عليهما.

{ أُوْلَـٰئِكَ } المنعوتون بالنعوت الجليلة { يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ } أي يؤملون تعلق رحمته سبحانه بهم أو ثوابه على أعمالهم، ومنها تلك الغزاة في الشهر الحرام، واقتصر البعض عليها بناءاً على ما رواه الزهري أنه لما فرج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم طمعوا فيما عند الله تعالى من ثوابه فقالوا: يا نبـي الله أنطمع أن تكون غزوة نعطي فيها أجر المهاجرين في سبيل الله تعالى فأنزل الله تعالى هذه الآية، ولا يخفى أن العموم أعم نفعاً وأثبت لهم الرجاء دون الفوز بالمرجو للإشارة إلى أن العمل غير موجب إذ لا استحقاق به ولا يدل دلالة قطعية على تحقق الثواب إذ لا علاقة عقلية بينهما وإنما هو تفضل منه تعالى سيما والعبرة بالخواتيم فلعله يحدث بعد ذلك ما يوجب الحبوط ولقد وقع ذلك والعياذ بالله تعالى كثيراً فلا ينبغي الاتكال على العمل { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } تذييل لما تقدم وتأكيد له ولم يذكر المغفرة فيما تقدم لأن رجاء الرحمة يدل عليها وقدم وصف المغفرة لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.