التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ
٨٢
-الشعراء

روح المعاني

استعظم عليه السلام ما عسى يندر منه من فعل خلاف الأولى حتى سماه خطيئة. وقيل: أراد بها قوله: { إِنّى سَقِيمٌ } [الصافات: 89] وقوله: { { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } [الأنبياء: 63]، وقوله لسارة هي أختي، ويدل على أنه عليه السلام عدها من الخطايا ما ورد في حديث الشفاعة من امتناعه عليه السلام من أن يشفع حياء من الله عز وجل لصدور ذلك عنه. وفيه أنه وإن صح عدها من الخطايا بالنظر إليه عليه السلام لما قالوا: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين إلا أنه لا يصح إرادتها هنا لما أنها إنما صدرت عنه عليه السلام بعد هذه المقاولة الجارية بينه وبين قومه. أما الثالثة فظاهرة لوقوعها بعد مهاجرته عليه السلام إلى الشام؛ وأما الأوليان فلأنهما وقعتا مكتنفتين بكسر الأصنام، ومن البين أن جريان هذه المقالات فيما بينهم كان في مبادي الأمر، وهذا أولى مما قيل: إنها من المعاريض وهي لكونها في صورة الكذب يمتنع لها من تصدر عنه من الشفاعة ولكونها ليست كذباً حقيقة لا تفتقر إلى الاستغفار فلا يصح إرادتها هنا لأن ذلك الامتناع ليس إلا لعده إياها من الخطايا ومتى عدت منها افتقرت إلى الاستغفار، وقيل: أراد بها ما صدر عنه عند رؤية الكوكب والقمر والشمس من قوله: { هَـٰذَا رَبّى } [الأنعام: 77] وكان ذلك قبل هذه المقاولة كما لا يخفى، وقد تقدم أن ذلك ليس من الخطيئة في شيء، وقيل: أراد بها ما عسى يندر منه من الصغائر وهو قريب مما تقدم، وقيل: أراد بها خطيئة من يؤمن به عليه السلام كما قيل نحوه في قوله تعالى: { لّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 2]، وهو كما ترى والطمع على ظاهره ولم يجزم عليه السلام لعلمه أن لا وجوب على الله عز وجل. وعن الحسن أن المراد به اليقين وليس بذاك. والظرفان متعلقان بيغفر. والإتيان بالأول للإشارة إلى أن نفع مغفرته تعالى إنما يعود إليه عليه السلام. وتعليق المغفرة بيوم الدين مع أن الخطيئة إنما تغفر في الدنيا لأن أثرها يتبين يومئذ ولأن في ذلك تهويلاً لذلك اليوم وإشارة إلى وقوع الجزاء فيه إن لم تغفر. وفي هذه الجملة من التلطف بأبيه وقومه في الدعوة إلى الإيمان ما فيها. وقرأ الحسن / { خطاياي } على الجمع.