التفاسير

< >
عرض

إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٢٢
-آل عمران

روح المعاني

{ إِذْ هَمَّتْ } قيل: بدل من { { وإِذْ غَدَوْتَ } [آل عمران: 121] مبين لما هو المقصود بالتذكير. وجوز أن يكون ظرفاً لتبوىء أو لغدوت أو لسميع عليم على سبيل التنازع أو لهما معاً في رأي، وليس المراد تقييد كونه سميعاً عليماً بذلك الوقت { طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ } أي فرقتان من المسلمين وهما حيان من الأنصار بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس وجابر بن عبد الله والحسن وخلق كثير، وقال الجبائي: همت طائفة من المهاجرين وطائفة من الأنصار { أَن تَفْشَلاَ } أي تضعفا وتجبنا حين رأوا انخذال عبد الله بن أبـيّ بن سلول مع من معه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنسبك من أن والفعل متعلق ـ بهمت ـ والباء محذوفة أي همت بالفشل وكان المراد به هنا لازمه لأن الفعل الاختياري الذي يتعلق الهم به والظاهر أن هذا الهم لم يكن عن عزم وتصميم على مخالفة النبـي صلى الله عليه وسلم ومفارقته لأن ذلك لا يصدر مثله عن مؤمن بل كان مجرد حديث نفس ووسوسة كما في قوله:

أقول لها إذا جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي

ويؤيد ذلك قوله تعالى: { وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا } أي ناصرهما والجملة اعتراض. وجوز أن تكون حالاً من فاعل همت أو من ضميره في تفشلا مفيدة لاستبعاد فشلهما أو همهما مع كونهما في ولاية الله تعالى، وقرأ عبد الله والله وليهم بضمير الجمع على حد { { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } [الحجرات: 9].

{ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } أي عليه سبحانه لا على غيره كما يؤذن به تقديم المعمول وإظهار الاسم الجليل للتبرك به والتعليل وأل في { ٱلْمُؤْمِنُونَ } للجنس ويدخل فيه الطائفتان دخولاً أولياً، وفي هذا العنوان إشعار بأن الإيمان بالله تعالى من موجبات التوكل عليه، وحذف متعلق التوكل ليفيد العموم أي ليتوكلوا عليه عز شأنه في جميع أمورهم جليلها وحقيرها سهلها وحزنها.