التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ
٦٧
-الصافات

روح المعاني

{ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا } أي على الشجرة التي ملؤا منها بطونهم { لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } أي لشراباً ممزوجاً بماء شديد الحرارة وهذا الشراب هو الغساق أي ما يقطر من جراح أهل النار وجلودهم، وقيل: هذا هو الصديد وأما الغساق فعين في النار تسيل إليها سموم الحيات والعقارب أو دموع الكفرة فيها، وشربهم ذلك لغلبة عطشهم بما أكلوا من الشجرة فإذا شربوا تقطعت أمعاؤهم. وقرىء { لشوباً } بضم الشين وهو اسم لما يشاب به، وعلى الأول هو مصدر سمي به.

وكلمة (ثم) قيل للتراخي الزماني وذلك أنه بعد أن يملؤا البطون من تلك الشجرة يعطشون ويؤخر سقيهم زماناً ليزداد عطشهم فيزداد عذابهم. واعترض بأنه يأباه عطف الشرب بالفاء في قوله تعالى: { { فَمَالِـئَونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ * فَشَـٰرِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } [الواقعة: 53ـ54] فلا بد من عدم توسط زمان. وأجيب بأنه يجوز أن يكون شرب الشراب الممزوج بالحميم متأخراً بزمان عن ملئهم البطون دون شرب الحميم وحده، وكذا يجوز أن يكون الحال مختلفاً فتارة يتأخر الشرب مطلقاً زماناً وأخرى لا يتأخر كذلك، وقال بعضهم: ملؤهم البطون أمر ممتد فباعتبار ابتدائه يعطف بثم وباعتبار انتهائه بالفاء. وجوز كون (ثم) للتراخي الرتبـي لأن شرابهم أشنع من مأكولهم بكثير، وعطف ملئهم البطون بالفاء لأنه يعقب ما قبله، ولا يحسن فيه اعتبار التفاوت الرتبـي حسنه في شرب الشراب المشوب بالحميم مع الأكل.