التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً
٧١
-النساء

روح المعاني

{ يَٰـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ } أي عدتكم من السلاح ـ قاله مقاتل ـ وهو المروي عن أبـي جعفر رضي الله تعالى عنه، وقيل: الحذر مصدر كالحذر، وهو الاحتراز عما يخاف فهناك الكناية والتخييل بتشبيه الحذر بالسلاح وآلة الوقاية، وليس الأخذ مجازاً ليلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز في قوله سبحانه: { { وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } [النساء: 102] إذ التجوز في الإيقاع، وقد صرح المحققون بجواز الجمع فيه، والمعنى استعدوا لأعدائكم أو تيقظوا واحترزوا منهم ولا تمكنوهم من أنفسكم { فَٱنفِرُواْ } بكسر الفاء، وقرىء بضمها أي: أخرجوا إلى قتال عدوكم والجهاد معه عند خروجكم، وأصل معنى النفر الفزع كالنفرة، ثم استعمل فيما ذكر { ثُبَاتٍ } جمع ـ ثبة ـ وهي الجماعة من الرجال فوق العشرة، وقيل: فوق الاثنين، وقد تطلق على غير الرجال ومنه قول عمرو بن كلثوم:

فأما يوم خشيتنا عليهم فتصبح خيلنا عصباً (ثباتاً)

ووزنها في الأصل فعلة ـ كحطمة ـ حذفت لامها وعوض عنها هاء التأنيث وهل هي واو من ـ ثبا يثبو، كعدى يعدو ـ أي اجتمع، أو ياء من ـ ثبيت ـ على فلان بمعنى أثنيت عليه بذكر محاسنه وجمعها؟ قولان، وثبة الحوض وسطه واوية، وهي من ثاب يثوب إذا رجع، وقد جمع جمع المؤنث، وأعرب إعرابه على اللغة الفصيحة، وفي لغة ينصب بالفتح، وقد جمع أيضاً جمع المذكر السالم فيقال: ثبون، وقد اطرد ذلك فيما حذف آخره وإن لم يستوف الشروط جبراً له، وفي ثائه حينئذٍ لغتان: الضم والكسر، والجمع هنا في موضع الحال أي انفروا جماعات متفرقة جماعة بعد جماعة { أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً } أي مجتمعين جماعة واحدة، ويسمى الجيش إذا اجتمع ولم ينتشر كتيبة، وللقطعة المنتخبة المقتطعة منه سرية، وعن بعضهم أنها التي تخرج ليلاً وتعود إليه وهي من مائة إلى خمسمائة، أو من خمسة أنفس إلى ثلثمائة وأربعمائة، وما زاد على السرية ـ منسر ـ كمجلس ومنبر إلى الثمانمائة فإن زاد يقال له: جيش إلى أربعة آلاف، فإن زاد يسمى ـ جحفلاً ـ ويسمى الجيش العظيم ـ خميساً ـ وما افترق من السرية ـ بعثاً ـ وقد تطلق السرية على مطلق الجماعة، والآية وإن نزلت في الحرب لكن فيها إشارة إلى الحث / على المبادرة إلى الخيرات كلها كيفما أمكن قبل الفوات.