التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينُ فَٱرْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
٨
-النساء

روح المعاني

{ وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ } أي قسمة التركة بين أربابها وهي مفعول به، وقدمت لأنها المبحوث عنها ولأن في الفاعل تعدداً فلو روعي الترتيب يفوت تجاذب أطراف الكلام، وقيل: قدمت لتكون أمام الحاضرين في اللفظ كما أنها أمامهم في الواقع، وهي نكتة للتقديم لم أر مَن ذكرها من علماء المعاني. { أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ } ممن لا يرث لكونه عاصباً محجوباً أو لكونه من ذوي الأرحام، والقرينة على إرادة ذلك ذكر الورثة قبله { وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينُ } من الأجانب { فَٱرْزُقُوهُمْ مّنْهُ } أي اعطوهم شيئاً من المال أو المقسوم المدلول عليه بالقسمة، وقيل: الضمير لما وهو أمر ندب كلف به البالغون من الورثة تطييباً لقلوب المذكورين وتصدقاً عليهم، وقيل: أمر وجوب واختلف في نسخه ففي بعض الروايات عن ابن عباس أنه لا نسخ والآية محكمة وروي ذلك عن عائشة رضي الله تعالى عنها. وأخرج أبو داود في «ناسخه» وابن أبـي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس أنه قال: { وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ } الآية نسختها آية الميراث فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك مما قلّ منه أو كثر. وحكي عن سعيد بن جبير أن المراد من أولى القربى هنا الوارثون، ومن { ٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينُ } غير الوارثين وأن قوله سبحانه: { فَٱرْزُقُوهُمْ مّنْهُ } راجع إلى الأولين، وقوله تعالى: { وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } راجع للآخرين وهو بعيد جداً، والمتبادر ما ذكر أولاً وهذا القول للمرزوقين من أولئك المذكورين، والمراد من القول المعروف أن يدعو لهم ويستقلوا ما أعطوهم ويعتذروا من ذلك ولا يمنّوا عليهم.