التفاسير

< >
عرض

ويَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٩
-الأعراف

روح المعاني

{ وَيَـٰـئَادَمُ ٱسْكُنْ } أي وقلنا كما وقع في سورة البقرة [53] فهذه القصة بتمامها معطوفة على مثلها وهو قوله سبحانه: { { قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ } [الأعراف: 11] على ما ذهب إليه غير واحد من المحققين، وإنما لم يعطفوه على ما بعد { { قَالَ } [الأعراف: 18] أي قال يا إبليس اخرج ويا آدم اسكن لأن ذلك في مقام الاستئناف والجزاء لما حلف عليه اللعين وهذا من تتمة الامتنان على بني آدم والكرامة لأبيهم، ولا على ما بعد { { قُلْنَا } [الأعراف: 11] لأنه يؤول إلى قلنا للملائكة يا آدم. وادعى بعضهم أن الذي يقتضيه الترتيب العطف على ما بعد { قَالَ } وبينه بما له وجه إلا أنه خلاف الظاهر، وتصدير الكلام بالنداء للتنبيه على الاهتمام بالمأمور به، وتخصيص الخطاب بآدم عليه السلام للإيذان بأصالته بالتلقي وتعاطي المأمور به. و{ ٱسْكُنْ } من السكنى وهو اللبث والإقامة والاستقرار دون السكون الذي هو ضد الحركة، وقد تقدم الكلام في ذلك وفي قوله سبحانه: { أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } وتوجيه الخطاب إليهما في قوله تعالى: { فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا } لتعميم التشريف والإيذان بتساويهما في مباشرة المأمور به فإن حواء أسوة له عليه السلام في حق الأكل بخلاف السكنى فإنها تابعة له فيها ولتعليق النهي الآتي بهما صريحاً، والمعنى فكلا منها حيث شئتما كما في البقرة، ولم يذكر { رَغَدًا } هنا ثقة بما ذكر هناك.

وقوله سبحانه: { وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } مبالغة في النهي عن الأكل منها وقرىء «هذي» وهو الأصل إلا أنه حذفت الياء وعوض عنها الهاء فهي هاء عوض لا هاء سكت. قال ابن جني: ويدل على أن الأصل هو الياء قولهم في المذكر: ذا والألف بدل من الياء إذ الأصل ذي بالتشديد بدليل تصغيره على ذيا وإنما يصغر الثلاثي دون الثنائي كما ومن فحذفت إحدى اليائين تخفيفاً ثم أبدلت الأخرى ألفاً كراهة أن يشبه آخره أخر كي. { فَتَكُونَا } أي فتصيراً { مِنَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ } أي الذين ظلموا أنفسهم، و { تَكُونَا } يحتمل الجزم على العطف على { تقربا } والنصب على أنه جواب النهي.