التفاسير

< >
عرض

وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ
٤٨
-الأعراف

روح المعاني

{ وَنَادَىٰ أَصْحَـٰبُ ٱلأَعْرَافِ } كرر ذكرهم مع كفاية الإضمار لزيادة التقرير. وقيل: لم يكتف بالإضمار للفرق بين المراد منهم هنا. والمراد منهم فيما تقدم فإن المنادي هناك الكل وهنا البعض. وفي إطلاق أصحاب الأعراف على أولئك الرجال بناءً على أن مآلهم إلى الجنة دليل على أن عنوان الصحبة للشيء لا يستدعي الملازمة له كما زعمه البعض { رِجَالاً } من رؤساء الكفرة كأبـي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل حين رأوهم فيما بين أصحاب النار { يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَـٰهُمْ } بعلامتهم التي أعلمهم الله تعالى بها من سواد الوجه وتشويه الخلق وزرقة العين كما قال الجبائي أو بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا كما قال أبو مسلم أو بعلامتهم الدالة على سوء حالهم يومئذٍ وعلى رياستهم في الدنيا كما قيل ولعله الأولى. وأياً ما كان فالجار والمجرور متعلق بما عنده ـ ويفهم من كلام بعضهم ـ وفيه بعد أنه متعلق بنادى والمعنى نادوا رجالاً يعرفونهم في الدنيا بأسمائهم وكناهم وما يدعون به من الصفات.

{ قَالُواْ } بيان لنادى أو بدل منه { مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ } استفهام للتقريع والتوبيخ ويجوز أن يراد النفي أي ما كفاكم ما أنتم فيه { جَمْعُكُمْ } أتباعكم وأشياعكم أو جمعكم المال فهو مصدر مفعوله مقدر { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } أي واستكباركم المستمر عن قبول الحق أو على الخلق وهو الأنسب بما بعده. وقرىء { تستكثرون } من الكثرة. و { مَا } على هذه القراءة تحتمل أن تكون اسم موصول على معنى ما أغنى عنكم أتباعكم والذي كنتم تستكثرونه من الأموال. ويحتمل عندي أن تكون في القراءة السبعية كذلك والمراد بها حينئذٍ الأصنام. ومعنى استكبارهم / إياها اعتقادهم عظمها وكبرها أي ما أغنى عنكم جمعكم وأصنامكم التي كنتم تعتقدون كبرها وعظمها.