التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥٢
-الأعراف

روح المعاني

{ وَلَقَدْ جِئْنَـٰهُمْ بِكِتَـٰبٍ فَصَّلْنَاهُ } بينا معانيه من العقائد والأحكام والمواعظ مفصلة، والضمير للكفرة قاطبة، وقيل: لهم وللمؤمنين، والمراد بالكتاب الجنس، وقيل: للمعاصرين من الكفرة أو منهم ومن المؤمنين. والكتاب هو القرآن وتنوينه للتفخيم. وقد نظم بعضهم ما اشتمل عليه من الأنواع بقوله :

حلال حرام محكم متشابه بشير نذير قصة عظة مثل

والمراد منع الخلو كما لا يخفى { عَلَىٰ عِلْمٍ } منا بوجه تفصيله وهو في موضع الحال من فاعل { فَصَّلْنَاهُ } وتنكيره للتعظيم أي عالمين على أكمل وجه بذلك حتى جاء حكيماً متقناً، وفي هذا ـ كما قيل ـ دليل على أنه سبحانه يعلم بصفة زائدة على الذات وهي صفة العلم وليس علمه سبحانه عين ذاته كما يقوله الفلاسفة ومن ضاهاهم وللمناقشة فيه مجال، ويجوز أن يكون في موضع الحال من المفعول أي مشتملاً على علم كثير. وقرأ ابن محيصن { فضلناه } بالضاد المعجمة، وظاهر كلام البعض أن الجار والمجرور على هذه القراءة في موضع الحال من الفاعل ولا يجعل حالاً من المفعول أي فضلناه على سائر الكتب عالمين بأنه حقيق بذلك، وجوز بعضهم أن يجعل حالاً من المفعول على نحو ما مر؛ وقيل: إن { عَلَىٰ } للتعليل كما في قوله سبحانه: { { وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } [البقرة: 185] وهي متعلقة بفضلناه أي فضلناه على سائر الكتب لأجل علم فيه أي لاشتماله على علم لم يشتمل عليه غيره منها، وقيل: إن { عَلَىٰ } في القراءتين متعلقة بمحذوف وقع حالاً من مفعول { جِئْنَـٰهُمْ } أي جئناهم بذلك حال كونهم من ذوي العلم / القابلين لفهم ما جئناهم به فتأمل. { هُدًى وَرَحْمَةً } حال من مفعول { فَصَّلْنَاهُ } وجوز أن يكون مفعولاً لأجله وأن يكون حالاً من الكتاب لتخصيصه بالوصف، والكلام في وقوع مثل ذلك حالاً مشهور، وقرىء بالجر على البدلية من { عِلْمٍ } وبالرفع على إضمار المبتدأ أي هو هدى عظيم ورحمة كذلك { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } لأنهم المقتبسون من أنواره المنتفعون (بنواره).