التفاسير

< >
عرض

إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ
٢٢
-الأنفال

روح المعاني

{ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ } استئناف مسوق لبيان كمال سوء حال المشبه بهم مبالغة في التحذير وتقريراً للنهي إثر تقرير، والدواب جمع دابة، والمراد بها إما المعنى اللغوي أو العرفي أي إن شر من يدب على الأرض أو شر البهائم { عَندَ ٱللَّهِ } أي في حكمه وقضائه { ٱلصُّمُّ } الذين لا يسمعون الحق { ٱلْبُكْمُ } الذين لا ينطقون به، والجمع على المعني، ووصفوا بذلك لأن ما خلق له الحاستان سماع الحق والنطق به وحيث لم يوجد فيهم شيء من ذلك صاروا كأنهم فاقدون لهما رأساً. / وتقديم الصم على البكم لما أن صممهم متقدم على بكمهم فإن السكوت عن النطق بالحق من فروع عدم سماعهم له كما أن النطق به من فروع سماعه، وقيل: التقديم لأن وصفهم بالصمم أهم نظراً إلى السابق واللاحق، ثم وصفوا بعدم التعقل في قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } تحقيقاً لكمال سوء حالهم فإن الأصم الأبكم إذا كان له عقل ربما يفهم بعض الأمور ويفهمه غيره [بالإشارة] ويهتدي [بذلك] إلى بعض مطالبه. أما إذا كان فاقداً للعقل أيضاً فقد بلغ الغاية في الشرية وسوء الحال، وبذلك يظهر كونهم شر الدواب حيث أبطلوا ما به يمتازون عنها.