التفاسير

< >
عرض

سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٩٥
-التوبة

روح المعاني

{ سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ } تأكيداً لمعاذيرهم الكاذبة وترويجاً لها. والسين للتأكيد على ما مر، والمحلوف عليه [محذوف] ما يفهم من الكلام وهو ما اعتذروا به الأكاذيب، والجملة بدل من { يعتذرون } [التوبة:94] أو بيان له { إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ } من سفركم { إِلَيْهِمُ } والانقلاب هو الرجوع والانصراف مع زيادة معنى الوصول والاستيلاء، وفائدة تقييد حلفهم - كما قال بعض المحققين - به الإيذان بأنه ليس لدفع ما خاطبهم النبـي صلى الله عليه وسلم به من قوله تعالى: { { لاَ تَعْتَذِرُواْ } [التوبة:94] الخ بل هو أمر مبتدأ { لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ } فلا تعاتبوهم وتصفحوا عما فرط منهم صفح رضا كما يفصح عنه قوله تعالى: { { لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ } [التوبة:96]{ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ } لكن لا إعراض رضا كما طلبوا بل إعراض اجتناب ومقت كما ينبىء عنه التعليل بقوله سبحانه: { إِنَّهُمْ رِجْسٌ } فإنه صريح في أن المراد بالإعراض إما الاجتناب عنهم لما يفهم من القذارة الروحانية وإما ترك استصلاحهم بترك المعاملة المقصود منها التطهير بالحمل على التوبة وهؤلاء أرجاس لا تقبل التطهير، وقيل: إن { لِتُعْرِضُواْ } بتقدير للحذر عن أن تعرضوا على أن الإعراض فيه إعراض مقت أيضاً ولا يخفى أنه تكلف لا يحتاج إليه، وقوله تعالى: { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } إما من تمام التعليل فإن كونهم من أهل النار من دواعي الاجتناب عنهم وموجبات ترك / استصلاحهم باللوم والعتاب وإما تعليل مستقل أي وكفتهم النار عتاباً على حد ـ عتابه السيف ووعظه الصفع ـ فلا تتكلفوا أنتم بذلك { جَزَآء } نصب على أنه مفعول مطلق مؤكد لفعل مقدر من لفظه وقع حالا أي يجزون جزاء أو لمضمون ما قبله فإنه مفيد لمعنى المجازاة كأنه قيل: مجزيون جزاء { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي بما يكسبونه على سبيل الاستمرار من فنون السيآت في الدنيا أو بكسبهم المستمر لذلك. وجوز أن يكون مفعولاً له وحالاً من الخبر عند من يرى ذلك.