التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٩٦
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ
٩٧
-هود

التحرير والتنوير

عطف قصة على قصة. وعقّبت قصة مدين بذكر بعثة موسى ـ عليه السّلام ـ لقرب ما بين زمنيهما، ولشدة الصلة بين النبيئين فإن موسى بعث في حياة شعيب ـ عليهما السّلام ـ وقد تزوّج ابنة شعيب.

وتأكيد الخبر بـ(قد) مثل تأكيد خبر نوح ـ عليه السّلام ـ في قوله تعالى: { ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه } [هود: 25].

والباء في { بآياتنا } للمصاحبة فإن ظهور الآيات كان مصاحباً لزمن الإرسال إلى فرعون وهو مدّة دعوة موسى ـ عليه السّلام ـ فرعون وملأه.

والسلطان: البرهان المبين، أي المُظهر صدق الجائِي به وهو الحجّة العقليّة أو التأييد الإلهي. وقد تقدّم ذكر فرعون ومَلإه في سورة الأعراف.

وعُقب ذكر إرسال موسى ـ عليه السّلام ـ بذكر اتّباع الملإ أمرَ فرعون لأنّ اتّباعهم أمر فرعون حصل بإثر الإرسال ففهم منه أنّ فرعون أمرهم بتكذيب تلك الرسالة.

وإظهار اسم فرعون في المرّة الثانية دون الضمير والمرة الثالثة للتّشهير بهم، والإعلان بذمّه وهو انتفاء الرشد عن أمره.

وجملة { وما أمر فرعون برشيد } حال من { فرعون }.

والرشيد: فعيل من رشد من باب نصر وفرح، إذا اتّصف بإصابة الصواب. يقال: أرشدك الله. وأجري وصف رشيد على الأمر مجازاً عقلياً. وإنّما الرشيد الآمر مبالغة في اشتمال الأمر على ما يقتضي انتفاء الرشد فكأنّ الأمر هو الموصوف بعدم الرشد. والمقصود أن أمر فرعون سَفَهٌ إذْ لاَ واسطة بين الرشد والسفه. ولكن عدل عن وصف أمره بالسّفيه إلى نفي الرشد عنه تجهيلاً للذين اتبعوا أمرَه لأنّ شأن العقلاء أن يَتطلبوا الاقتداء بما فيه صلاح وأنهم اتبعوا ما ليس فيه أمارة على سداده واستحقاقه لأن يتّبع فماذا غرّهم باتباعه.