التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
١٠٣
وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
١٠٤
-يوسف

التحرير والتنوير

انتقال من سوق هذه القصة إلى العبرة بتصميم المشركين على التكذيب بعد هذه الدلائل البينة، فالواو للعطف على جملة { { ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك } [يوسف: 102] باعتبار إفادتها أن هذا القرآن وحي من الله وأنه حقيق بأن يكون داعياً سامعيه إلى الإيمان بالنبي. ولما كان ذلك من شأنه أن يكون مطمعاً في إيمانهم عقب بإعلام النبي بأن أكثرهم لا يؤمنون.

و{ الناس } يجوز حمله على جميع جنس الناس، ويجوز أن يراد به ناس معيّنون وهم القوم الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم بمكّة وما حولها، فيكون عموماً عرفياً.

وجملة { ولو حرصت } في موضع الحال معترضة بين اسم { ما } وخبرها.

{ ولو } هذه وصلية، وهي التي تفيد أن شرطها هو أقصى الأسباب لجوابها. وقد تقدم بيانها عند قوله تعالى: { { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ولو افتدى به } في سورة آل عمران (91).

وجواب { لو } هو { وما أكثر الناس } مقدّم عليها أو دليل الجواب.

والحرص: شدة الطلب لتحصيل شيء ومعاودته. وتقدم في قوله تعالى: { { حريص عليكم } في آخر سورة براءة (128).

وجملة { وما تسألهم عليه من أجر } معطوفة على جملة { وما أكثر الناس } إلى آخرها باعتبار ما أفادته من التأييس من إيمان أكثرهم. أي لا يسوءك عدم إيمانهم فلست تبتغي أن يكون إيمانهم جزاء على التبليغ بل إيمانهم لفائدتهم، كقوله: { { قل لا تمنوا علي إسلامكم } [سورة الحجرات: 17].

وضمير الجمع في قوله: { وما تسألهم } عائد إلى الناس، أي الذين أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم.

وجملة { إن هو إلا ذكر للعالمين } بمنزلة التعليل لجملة { وما تسألهم عليه من أجر }. والقصر إضافي، أي ما هو إلا ذكر للعالمين لا لتحصيل أجرِ مبلّغه.

وضمير { عليه } عائد إلى القرآن المعلوم من قوله: { { ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك } [يوسف: 102].