التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٦
وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ
٥٧
-يوسف

التحرير والتنوير

تقدم تفسير آية { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } آنفاً.

والتبوؤ: اتخاذ مكان للبوء، أي الرجوع، فمعنى التبوؤ النزول والإقامة. وتقدم في قوله تعالى: { { أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا } في [سورة يونس: 87].

وقوله: { يتبوأ منها حيث يشاء } كناية عن تصرفه في جميع مملكة مصر فهو عند حلوله بمكان من المملكة لو شاء أن يحل بغيره لفعل، فجملة { يتبوأ } يجوز أن تكون حالاً من { يوسف }، ويجوز أن تكون بياناً لجملة { مكنا ليوسف في الأرض }.

وقرأ الجمهور { حيث يشاء } ــــ بياء الغيبة ــــ وقرأ ابن كثير { حيث نشاء } ــــ بنون العظمة ــــ، أي حيث يشاء الله، أي حيث نأمره أو نلهمه. والمعنى متحد لأنه لا يشاء إلا ما شاءه الله.

وجملة { نصيب برحمتنا من نشاء } إلى آخرها تذييل لمناسبة عمومه لخصوص ما أصاب يوسف ــــ عليه السلام ــــ من الرحمة في أحواله في الدنيا وما كان له من مواقف الإحسان التي كان ما أعطيه من النعم وشرف المنزلة جزاء لها في الدنيا، لأن الله لا يضيع أجر المحسنين. ولأجره في الآخرة خير من ذلك له ولكل من آمن واتقى.

والتعبير في جانب الإيمان بصيغة الماضي وفي جانب التقوى بصيغة المضارع، لأن الإيمان عقد القلب الجازم فهو حاصل دفعة واحدة وأما التقوى فهي متجددة بتجدّد أسباب الأمر والنهي واختلاف الأعمال والأزمان.