التفاسير

< >
عرض

كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٦
-آل عمران

التحرير والتنوير

استئناف ابتدائي يناسب ما سبقه من التنويه بشرف الإسلام.

(وكيف) استفهام إنكاري والمقصود إنكار أن تحصل لهم هداية خاصة وهي إما الهداية الناشئة عن عناية الله بالعبد ولطفه به، وإسنادها إلى الله ظاهر؛ وإما الهداية الناشئة عن إعمال الأدلة والاستنتاج منها، وإسنادُها إلى الله لأنّه موجد الأسباب ومسبّباتها. ويجوز أن يكون الاستفهام مستعملاً في الاستبعاد، فإنهم آمنوا وعلموا ما في كتب الله، ثمّ كفروا بعد ذلك بأنبيائهم، إذ عبدَ اليهود الأصنام غير مرة، وعبد النصارى المسِيح، وقد شهدوا أنّ محمداً صادق لقيام دلائل الصدق، ثم كابروا، وشككوا الناس. وجاءتهم الآيات فلم يتعظوا، فلا مطمع في هديهم بعد هذه الأحوال، وإنما تسري الهداية لمن أنصف وتهيّأ لإدراك الآيات دون القوم الذين ظلموا أنفسهم. وقيل نزلت في اليهود خاصّة. وقيل نزلت في جماعة من العرب أسلموا ثم كفروا ولحقوا بقريش ثم ندموا فراسلوا قومهم من المسلمين يسألونهم هل من توبة فنزلت، ومِنهم الحارث بن سويد، وأبو عامر الراهب، وطُعيمة بن أُبَيْرِق.

وقوله: { وشهدوا } عطف على { إيمانهم } أي وشهادتهم، لأنّ الاسم الشبيه بالفعل في الاشتقاق يحسن عطفه على الفعل وعطفُ الفعل عليه.