أضواء البيان في تفسير القرآن
قوله تعالى: { وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ }.
لم يبين هنا هذا الذي أنزل إلى إبراهيم، ولكنه بين في سورة الأعلى أنه صحف، وأن من جملة ما في تلك الصحف: { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [الأعلى: 16-17]، وذلك في قوله: { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } [الأعلى: 18-19].
قوله تعالى: { وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ }.
لم يبين هنا ما أوتيه موسى وعيسى، ولكنه بينه في مواضع أخر، فذكر أن ما أوتيه موسى هو التوراة المعبر عنها بالصحف في قوله: { { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } [الأعلى: 19]، وذلك كقوله: { { ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ } [الأنعام: 154] وهو التوراة بالإجماع. وذكر أن ما أوتيه عيسى هو الإنجيل كما في قوله: { وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ } [الحديد: 27].
قوله تعالى: { ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ }.
أمر الله النَّبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في هذه الآية أن يؤمنوا بما أوتيه جميع النَّبيين وأن لا يفرقوا بين أحد منهم حيث قال: { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا } إلى قوله: { وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } ولم يذكر هنا هل فعلوا ذلك أو لا؟ ولم يذكر جزاءهم إذا فعلوه، ولكنه بين كل ذلك في غير هذا الموضع، فصرح بأنهم امتثلوا الأمر بقوله: { { آمَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِه } [البقرة: 285] وذكر جزاءهم على ذلك بقوله: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [النساء: 153].