التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ
١٨
-فاطر

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ }.
قد قدمنا الآيات الموضحة له مع الجواب عن بعض الأسئلة الواردة على الآية في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:
{ { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسراء: 15].
قوله تعالى: { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ }.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:
{ { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } [النحل: 25] ووجه الجمع بين أمثال هذه الآية وبين قوله تعالى: { { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [العنكبوت: 13] ونحوها من الآيات.
قوله تعالى: { إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ }.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنّ إنذاره صلى الله عليه وسلم محصور في الذين يخشون ربهم بالغيب، وأقاموا الصلاة، وهذا الحصر الإضافي، لأنهم هم المنتفعون بالإنذار، وغير المنتفع بالإنذار، كأنه هو والذي لم ينذر سواء بجامع عدم النفع في كلّ منهما.
وهذا المعنى جاء موضحاً في آيات من كتاب الله تعالى كقوله تعالى:
{ { وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِيَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } [يس: 10ـ11] الآية. وقوله: { { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا } [النازعات: 45] ويشبه معنى ذلك في الجملة قوله تعالى: { { فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ق: 45] وقد قدمنا معنى الإنذار وأنواعه موضحاً في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: { { فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 2].