قوله تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ } الآية.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا أحد أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله في حال كونه محسناً. لأن استفهام الإنكار مضمن معنى النفي، وصرح في موضع آخر: أن من كان كذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى، وهو قوله تعالى: { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } [لقمان: 22] ومعنى إسلام وجهه لله إطاعته وإذعانه، وانقياده لله تعالى بامتثال أمره، واجتناب نهيه في حال كونه محسناً أي: مخلصاً عمله لله لا يشرك فيه به شيئاً مراقباً فيه لله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فالله تعالى يراه، والعرب تطلق إسلام الوجه، و تريد به الإذعان والانقياد التام، ومنه قول زيد بن نفيل العدوي:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذباً زلالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخراً ثقالاً