التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَٰبَ ٱلسَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً
٤٧
-النساء

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَابَ ٱلسَّبْتِ }.
لم يبين هنا كيفية لعنه لأصحاب السبت، ولكنه بين في غير هذا الموضع أن لعنه لهم هو مسخهم قردة ومن مَسَخَه الله قرداً غضباً عليه فهو ملعون بلا شك، وذلك قوله تعالى:
{ { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [البقرة: 65] وقوله: { { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [الأعراف: 166] والاستدلال على مغايرة اللعن للمسخ بعطفه عليه في قوله: { { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ } [المائدة: 60] لا يفيد أكثر من مغايرته للمسخ في تلك الآية، كما قاله الألوسي في تفسيره وهو ظاهر واللعنة في اللغة: الطرد والإبعاد، والرجل الذي طرده قومه وأبعدوه لجناياته تقول له العرب رجل لعين، ومنه قول الشاعر:

ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين

وفي اصطلاح الشرع: اللعنة: الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ومعلوم أن المسخ من أكبر أنواع الطرد والإبعاد.