التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢٥
-هود

خواطر محمد متولي الشعراوي

والآية توضِّح مسألة إرسال نوح عليه السلام كرسول لقومه، وعلى نوح الرسول أن يمارس مهمته وهي البلاغ، فيقول:
{ .. إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [هود: 25].
ونحن نلحظ أن همزة (إن) في إحدى قِرَاءَتَى الآية تكون مكسورة، وفي قراءة أخرى تكون مفتوحة، أما في القراءة بالكسر فتعني أن نوحاً عليه السلام قد جاء بالرسالة فبلغ قومه وقال:
{ .. إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [هود: 25].
وأما في القراءة الأخرى بالفتح فتعني أن الرسالة هي:
{ .. إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [هود: 25].
فكأن القراءة الأولى تعني الرواية عن قصة البلاغ، والقراءة الثانية تحدد مضمون الرسالة: { .. إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [هود: 25].
والقراءة الأولى فيها حذف القول، وحذف القول كثير في القرآن، مثل قوله تعالى:
{ { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ .. } [الرعد: 23ـ24].
وهذا يعني أن الملائكة يدخلون على المؤمنين في الجنة من كل باب، وساعة الدخول يقول الملائكة:
{ { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ .. } [الرعد: 24].
وقول نوح عليه السلام: { .. إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } [هود: 25].
نعلم منه أن النذير - كما قلنا من قبل - هو من يخبر بشرٍّ لم يأت وقته بعد، حتى يستعد السامع لملاقاته، وما دام أن نبي الله نوحاً قد جاء نذيراً، فالسياق مستمر؛ لأن الحق سبحانه قال في الآية التي قبلها:
{ { مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ .. } [هود: 24].
أي: أن هناك فريقاً عاصياً وكافراً وله نذير، أما الفريق الآخر فله بشير، يخبر بخير قادم ليستعد السامع أيضاً لاستقباله بنفس مطمئنة.
والفريق الكافر الذي يستحق الإنذار، يأتي لهم الحق سبحانه بنص الإنذار في قوله تعالى:
{ أَن لاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ ... }.