التفاسير

< >
عرض

وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ
٩٣
-هود

خواطر محمد متولي الشعراوي

إذن: فشعيب عليه السلام عنده القضية المخالفة؛ لأن الله تعالى عنده أعزُّ من رهطه؛ وباعتزازه بربه قد آوى إلى ركن شديد، وبهذا الإيمان يعلن لهم: افعلوا ما في وُسْعكم، وما في مُكْنتكم هو ما في مُكْنة البشر، وسأعمل ما في مُكْنتي، ولست وحدي، بل معي الله سبحانه وتعالى؛ ولن تتسامى قوتكم الحادثة على قدرة الله المطلقة.
ومهما فعلتم لمعارضة هذا الإصلاح الذي أدعوكم إليه؛ فلن يخذلني الذي أرسلني؛ وما دمتم تريدون الوقوف في نفس موقف الأمم السابقة التي تصدت لموجات الإصلاح السماوية؛ فهزمهم الله سبحانه بالصيحة، وبالرجفة، وبالريح الصرصر، وبالقذف بأي شيء من هذه الأشياء، وقال لهم: اعملوا على مكانتكم، وإياكم أن تتوهموا أني أتودد إليكم؛ فأنا على بينة من ربي، ولكني أحب الخير لكم، وأريد لكم الإصلاح.
ولم يَقُلْ شعيب عليه السلام هذا القول عن ضعف، ولكن قاله ردّاً على قولهم:
{ { وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ .. } [هود: 91].
وأبرز لهم مكانته المستمدة من قوة مَنْ أرسله سبحانه وتعالى، وقال:
{ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ .. } [هود: 93].
وهكذا أوضح لهم: أنا لن أقف مكتوف الأيدي، لأني سأعمل على مكانتي، و{ .. سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } [هود: 93].
أي: أن المستقبل سوف يبيِّن مَنْ مِنَّا على الحق ومَنْ مِنَّا على الضلال، ولمن سيكون النصر والغلبة، ومن الذي يأتيه الخزي؛ أي: أن يشعر باحتقار نفسه وهوانها؛ ويعاني من الفضيحة أمام الخلق؛ ومَنْ مِنَّا الكاذب، ومَنْ على الحق.
وكان لا بد أن تأتي الآية التالية:
{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ... }.