التفاسير

< >
عرض

وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
١٩
-يوسف

خواطر محمد متولي الشعراوي

ولم يَقُلِ الحق سبحانه من أين جاء السيارة؟ أو إلى أين كانوا ذاهبين؟
والمقصود بالسيارة هم القوم المحترفون للسير، مثل مَنْ كانوا يرحلون في رحلة الشتاء والصيف؛ بهدف التجارة وجَلْب البضائع.
وكانت السيارة لا تنتقل بكامل أفرادها إلى البئر، بل يذهب واحد منهم إلى البئر؛ ليأتي لهم بالمياه ويُسمَّى الوارد، وذهب هذا الوارد إلى البئر ليُحضِر لبقية السيارة الماء وألقى دَلْوه في البئر؛ ويسمى حبل الدلو الرشاء.
وحين نزل الدلو إلى مستوى يوسف عليه السلام تعلق يوسف في الحبل؛ فأحسَّ الوارد بثقل ما حمله الرشاء؛ ونظر إلى أسفل؛ فوجد غلاماً يتعلق بالدلو فنادى:
{ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ .. } [يوسف: 19].
أي: أنه يقول يا بشرى هذا أوانك؛ وكأنه يبشر قومه بشيء طيب؛ فلم يحمل الدلو ماء فقط، بل حمل غلاماً أيضاً.
ويقول الحق سبحانه:
{ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً .. } [يوسف: 19].
أي: أنهم أخفوْه وعاملوه كأنه بضاعة، ولم يتركوه يمشي بجانبهم؛ خشية أن يكون عبداً آبقاً ويبحث عنه سيده؛ وهم يريدون بيعه.
ويذيل الحق سبحانه الآية بقوله:
{ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ .. } [يوسف: 19].
وهذا قول يعود على مَنْ أسرُّوه بضاعة؛ وهم الذين عرضوه للبيع.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ... }.