التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ
٣٦
-الأنبياء

خواطر محمد متولي الشعراوي

هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن واقعٍ حدثَ له مع الكفار: { وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً .. } [الأنبياء: 36] و (إنْ) هنا ليست شرطية، إنما للنفي كما في قوله تعالى: { { ٱلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ .. } [المجادلة: 2] أي: ما أمهاتهم إلا اللائي ولَدْنهم.
فالمعنى: إذا رآك الذين كفروا لا يتخذونك إلا هُزُواً، أي: يهزأون بك، لكن ما وَجْه الهُزْو هنا؟
قولهم: { أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ .. } [الأنبياء: 36] أي: يعيبها ويسبُّها، ويقول عنها: إنها باطلة ومعنى { أَهَـٰذَا .. } [الأنبياء: 36] كأنهم يستقلّونه، ويستقلّون أنْ يقول هذا عن آلهتهم.
والذكر قد يكون بالخير، وقد يكون بالشر، فإنْ ذكرك صديق تتوقع أنْ يذكرك بخير، وإنْ ذكرك عدو تتوقع أنْ يذكرك بشرٍّ، وطالما أن محمداً سيذكر آلهتهم، فلا بُدَّ أنه سيذكرها بشرٍّ، والشر الذي ذكره محمد عن آلهتكم أنها أصنام وحجارة لا تضرُّ ولا تنفع.
{ { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ .. } [فاطر: 14].
ثم يقول تعالى: { وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ } [الأنبياء: 36] فكيف تتعجبون وتغضبون أنْ يسُبّ محمد آلهتكم الباطلة، وأنتم تسبُّون الإله الحق، وتكفرون به، ونلحظ أن السياق ذكر الضمير العائد عليهم مرتين: { وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ } [الأنبياء: 36] ليؤكد أن ذلك حدث منهم.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ... }.